*قطرات من بحــــــــــار عظمتها*
ما من مسلم دان بدين محمد وآل محمد (صلّى اللهُ عليه وآله) الا وفي رقبته دين لمولاتنا خديجة الكبرى (صلوات الله وسلامه عليها) الى يوم القيامة، فلولا أتضحيتها بما تملك لما قام الدين ولا استقام في زمن كان المال مبعث رقي ومن عدم الكياسة تفريط المال بامور معنوية غير مادية وفي وقت كان الدين بحاجة الى مثل هذا الدعم المادي لصياغات الكثير من الامور المعنوية ،مثلما هو محتاج لدعم القوة لان المجتمع كان مجتمع مادي يرتكز على مؤثثات القوة المادية والسلطوية غير آبه للامور المعنوية ،ولهذا المعنى ساوى
رسول الله صلّى اللهُ عليه وآله بين مال خديجة وسيف أمير المؤمنين عليه السلام في قيام الإسلام،
وهذا مقام يعجز العقل عن ادراكه، لأننا نعلم أن ضربة واحدة لسيف عليٍ في معركة الخندق أفضل من عبادة الثقلين، فكيف بسيفه كله؟!!!
*خديجة وعاء الأنوار والعصمة*
استفاضت الأخبار على أن النور الأطهر لأم الأنوار فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) لم يستقر في صلٍب أو رحمٍ، غير صلب أبيها النبي الأعظم ورحم أمها المطهرة خديجة الكبرى.
ولا شكّ أن الوعاء الذي حمل النسمة الطاهرة المطهرة فاطمة الزهراء عليها السلام وحمل أنوار أئمة الوجود، لابد أن يكون في أعلى مراتب النقاء والطهارة
بل لابد أن يكون من سنخية جنانية نورية حتى يتلائم مع ثمرة الجنة الحوراء الإنسية فاطمة، والأنوار الإلهية لأولادها الأئمة الأطهرين (عليهم افضل الصلاة والسلام)
قال رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وآله لابنته السيدة الزهراء صلوات الله عليها
"…إن بطن أمك كان للإمامة وعاء. "
وفي زيارة سيد الشهداء:
"…اشهد انك كنت نوراً في الأصلاب الشامخة والأرحام المطهرة"
وكانت السيدة خديجة الكبرى (صلوات الله وسلامه عليها) تلقّب بالطاهرة من زمن الجاهلية حيث كانت على دين جدّها النبي ابراهيم (عليه السلام)
*خديجة الصدّيقة*
لقب الصدّيق لا يناله إلاّ الأنبياء ومن بلغ مراتبهم.
ورد في الرواية:
"…بينما جبرئيل (عليه السلام) يحدث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ مرّت خديجة فقال جبرئيل:
من هذه يا محمد صلى الله عليه وآله؟
قال:
هذه صِدِّيقة أمتي…"ومن أعظم ما يدل على رفعة مقام السيدة خديجة (صلوات الله عليها)، ان علل الوجود وسادة الخلائق يجعلون من انتمائهم اليها مدعاةً للفخر والشرف والفضيلة العظيمة. فهذا إمامنا السجاد في احلك الظروف وأخطر مكان وزمان وهو يعرّف الناس نفسه الشريفة، فيذكر أشرف النّسب وأعظم النُّقب وأرفع الرُّتب فيقول:
"…يا معشر الناس فمن عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا اعرفه نفسي، أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن مروة والصفا، أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن من لا يخفى، أنا ابن من علا فاستعلى فجاز سدرة المنتهى وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى، أنا ابن من صلى بملائكة السماء مثنى مثنى، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، انا ابن علي المرتضى، انا ابن فاطمة الزهرا، انا ابن خديجة الكبرى…"وقال رسول الله لأمير المؤمنين (عليهما السلام):
"ياعلي لك أشياء ليست لي منها:
ان لك زوجة مثل فاطمة وليس لي مثلها.
ولك ولدين من صلبك وليس لي مثلهما من صلبي.
ولك مثل خديجة أم أهلك وليس لي مثلها حماة.
ولك صهر مثلي وليس لي صهر مثلي…"
🔸وقال (صلّى اللهُ عليه وآله) وهو يُبين بعض مناقب الحسنين صلوات الله عليهما :
"يا معشر الناس ألا أدلكم على خير الناس جدا وجدة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال:الحسن والحسين، فان جدهما محمد وجدتهما خديجة…"
ذكرها في مصافّ المعصومين*
وهذه من أوضح القضايا فلا تكاد تجد زيارة لأحد المعصومين الا وذكر خديجة (صلوات الله وسلامه عليها) يتصدر الزيارة بين أسماء آل الله الأطهرين عليهم السلام
وفي زيارة وارث : "السلام عليك يا بن محمد المصطفى، السلام عليك يا بن علي المرتضى، السلام عليك يا بن خديجة الكبرى…"ولأن ذكر السيدة خديجة سلام الله عليها من مرتكزات العقيدة عند أهل البيت؛ نرى أن السيدة زينب الكبرى (صلوات الله عليها) لم تترك ذكرها حتى في أعظم مصيبة اهتزّ لها عرش الجبار في يوم العاشر من المحرم عند جسد سيد الشهداء وهي تنظره بتلك الحالة التي أبكت السماوات والأرضين دما، حينها نادت بصوت يقطع الاحشاء :…بأبي من لا هو غائب فيرتجى، ولا جريح فيداوى، بأبي من نفسي له الفداء، بأبي المهموم حتى قضى، بأبي العطشان حتى مضى، بأبي من شيبته تقطر بالدماء، بأبي من جده رسول إله السماء، بأبي من هو سبط نبي الهدى، بأبي محمد المصطفى، بأبي خديجة الكبرى، بأبي علي المرتضى، بأبي فاطمة الزهراء سيدة النساء…"
*ترى نور النبوة في النبي*
استقباله حيث قالت له: أيّ نور أرى في جبينك؟ فأجابها: إنّه نور النبوّة، ومن ثمّ شرح لها أركان الإسلام، فقالت له: «آمنت وصدّقت ورضيت وسلّمت».
*أول من أقرت بولاية أمير المؤمنين عليه السلام*
روي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) دعى خديجة (عليها السلام) ، وقال لها: إن جبرئيل عندي يقول لك إن للإسلام شروطاً وعهوداً ومواثيق:
الأول: الإقرار بوحدانية الله عز وجل.
الثاني: الإقرار برسالة الرسول.
الثالث: الإقرار بالمعاد والعمل بأحكام هذه الشريعة.
الرابع: إطاعة أولي الأمر والأئمة الطاهرين واحداً بعد واحد، والبراءة من أعدائهم، فصدقت خديجة بهم واحداً بعد واحد وآمنت بالرسول (صلى الله عليه وآله) ، فأشار إلى علي (عليه السلام) ، ثم قال: يا خديجة، هذا علي مولاك ومولى المؤمنين وإمامهم بعدي. ثم أخذ العهد منها..الخ…
*بلغ من علو خديجة الكبرى عليها السلام أن كانت سيدات نساء العالم قابلات وخادمات لها*
فلما حضرت ولادتها اغتمت فدخل عليها أربع نسوة سمر طوال فقالت إحداهن: لا تحزني يا خديجة فانا رسل ربك ونحن أخواتك وانا سارة وهذه آسية وهذه مريم وهذه كلثم أخت موسى، فجلسن عندها فوضعت
*هي الكبرى بنص المعصومين*
ينقل ابنها الامام الصادق عليه السلام ان كل واحد منهم ان توفاه الله تكون له خيمة جنب المعصوم الذي يسبقه، ومن عجيب الأمر أن خيمة السيدة القديسة خديجة الصديقة عليها السلام هي من بين تلك الخيم ، حيث انها بين خيمتي الصديقة الكبرى فاطمة عليها السلام وخيمة سيد الأولياء وأكبر الاسباط الحسن عليه السلام ، و لم يكن احد سوى السيدة خديجة (عليه السلام) في ذلك المكان الرفيع بين خيم أهل البيت (عليهم السلام) ...!
*خديجةُ المصطفاة من الله*
دخل النبي صلى الله عليه وآله على فاطمة الزهراء عليها السلام وعائشة وهما يفتخران وقد احمرت وجوههما فسألهما عن خبرهما فأخبرتاه فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا عائشة أوما علمت أن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران وعليا والحسن والحسين وحمزة وجعفر وفاطمة وخديجة على العالمين.
*السيّدةُ خديجة سيّدةُ نساء العالمين بعد الصّديقةِ الكُبرى "عليهُما السّـلام"*
.
عن الشهيد زيد بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن الحسين بن علي، عن أبيه علي بن أبي طالب عليهم السّلام:
(دخلَ رسولُ الله "صلَّى الله عليهِ وآله" على عليّ وفاطمة وأخذَ بعُضادتيّ الباب و قال: السَّلامُ عليكُم يا أهلَ بيت الرَّحمة وموضع الرّسالة، ومنزل المَلائكة.
يا بُنيّة، إنَّ الله سبحانهُ و تعالى اطَّلع على أهل الأرض اطَّلاعةً، فاختارَ أباكِ فجعلهُ نبيـاً، ثُمَّ اطَّلع الثَّانية فاختارَ منهُم زوجكِ عليّاً، فجعلهُ لي أخاً ووصياً،
ثُمَّ اطَّلع الثَّالثة فاختاركِ وأمّكِ فجعلكُما سيّدتيّ نساء العالمين،
ثُمَّ اطَّلع الرَّابعة فاختار ابنيكِ فجعلهُما سيّدي شبابِ أهل الجنة؛
فقال العرش:
أي ربي، ابنيّ نبيك وابنيّ وصيك زَيّني بهُما؛ فهُما يومَ القيامة في ضِّفتي العَرش بمنزلةِ الشَّنفين مِن الوجه..)
عوالم العلوم
،
تعليق: الصّديقةُ الكُبرى «فاطمة عليها السّلام» هي سيّدة النّساء والرّجال على الإطلاق (أولاً وآخراً وظاهراً وباطناً"، وفي جميعِ المظاهرِ والنشآت)،
و في عالم النشأة الأرضيّة سيّدةُ نساءِ العالمين بعْد الصّديقة الزَّهراء هي أمّهـا أمّ المُؤمنين السَّيدة خديجة الكُبرى "عليهُما السّلام"
وأمير المؤمنين (عليه السلام) يلقبها بسيدة النسوان في رثائه إياها ورثاء والده أبي طالب(عليه السلام)، قال(عليه السلام):*
أعينيّ جودا بارك الله فيكما على هالكين لا ترى لهما مثلاً
على سيد البطحاء وابن رئيسها وسيدة النسوان أول من صلى
هذبة قد طيّب الله خِيمها مباركة والله ساق لها الفضلا.
*مامنا الحسن عليه السلام أشبه الناس بالسيدة خديجة عليها السلام*عن الإمام الحسن بن علي عليه السلام فيّ -تفسير-قوله تَعَالَى :
{فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ رَكَّبَكَ} قال: صوّر الله عزّ وجلّ علي بن أبي طالب عليه السلام، في ظهر أبي طالب على صُورَة محمّد صَلَّى الله عليه وآله فكان علي بن أبي طالب عليه السلام أشبه الناس برسول الله صَلَّى الله عليه وآله وكان الحسين بن علي أشبه الناس بفاطمة، وكنت أنا أشبه الناس بخديجة الكبرى..وسئل عبد الله المحض : من أين لأسنان الإمام الصادق عليه السلام هذا الجمال والنصاعة والتألق بحيث أنّها تجذب
كل من رآها؟. فأجاب قائلاً: لا علم لي، ولكن أعلم بأنّ خديجة عليها السلام كانت كذلك، وأنّ الزهراء عليها السلام ورثت عن أمّها ذلك الجمال والتألّق.
*من مقامات السيّدةُ خديجة الكُبرى "عليها السّـلام" أنها من {َعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ}* .
سُئلَ الصَّادق "عليهِ السّلام" عنْ قول الله عزّ وجلّ: {وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الأَعْرَافِ رِجَالٌ} قال "عليهِ السَّلام":
سورٌ بينَ الجنَّةِ والنَّار عليهِ مُحمّد "صلّى الله عليهِ وآلهِ" وعليّ وَالحسن وَالحُسين وَفاطمة وَخديجةُ الكُبرى،
فيُنادونَ أينَ مُحبونا أينَ شِيعتنا فيُقبلون إليهِم فيَعرفونهُم بأسمائهِم وأسماء آبائهم، وذلكَ قولهُ عزّ وجل:
{كُلاًّ بِسِيمَاهُمْ} أي: بأسمائهِم فيَأخذون بأيديهِم فيَجوزونَ بهم الصِّراط ويَدخلون الجنّة..
*مقامُ السَّيدة خديجة في الملأ الأعلى*
يقولُ الحبيبُ المُصطفى صلَّى اللهُ عليهِ وآله في حقّ سيدة أمهاتِ المؤمنين : والدة الصَّديقة الكُبرى عليها السَّلام:
(يا خديجة إنَّ الله عزَّ وجلَّ ليُباهي بكِ كِرام ملائكتهِ كُلَّ يومٍ مراراً).ما هو سرّ مولاتنا الصديقة خديجة الكبرى التي يباهي الله بها ملائكته وليس أي ملك بل كرامهم؛ وليس في يوم واحد؛ بل كل يوم، وليس، مرة واحدة في اليوم؛ بل مراراً؟!!!
سرّ سيبقى طيّ الكتمان لعلّنا نعرف شيئاً مِنْه يوم القيامة. ضجت الملائكة لبكائها*
في إحدى الحملات الوحشية لقريش انتشرت إشاعة اغتيال النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ، فهامت السيّدة خديجة عليها السلام على وجهها في الوديان والصحاري المحيطة بمكة بحثاً عن حبيبها، وكانت الدموع تنهمر على خديها، فما كان من جبريل إلا أن نزل على الرسول الأكرم وقال له: لقد ضجّت ملائكة السماء لبكاء خديجة عليها السلام، أُدعُها إليك وأبلغها سلامي وقل لها بأنّ ربّها يقرؤها السلام ويبشّرها بقصر في الجنة، لا صخب فيه ولا نصب.
*خديجة يوم الحشر*
يصف الرسول الكريم صلى الله عليه وآله ورود خديجة يوم الحشر بهذه العبارات البليغة: يأتي لاستقبالها سبعون ألف ملك يحملون رايات زيّنت بعبارة «الله أكبر».
روي أنّ جبرئيل أتى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فسأل عن خديجة فلم يجدها، فقال: إذا جاءت فأخبرها أنّ ربّها يقرؤها السلام.
روي أنه أتى جبرئيل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال: هذه خديجة قد أتتك معها إناء مغطّى فيه إدام أو طعام أو شراب، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربّها ومنّي وبشّرها ببيت في الجنّة من قصب لا صخب فيه ولا نصب.
*حاجة جبرئيل أن يسلم على مولاتي خديجة عليها .. كلنا نلوذ بكِ يا أم الزهراء*
عن أبي سعيد الخدري: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: إنّ جبرئيل (عليه السلام) قال لي ليلة اُسري بي حين رجعت وقلت: يا جبرئيل هل لك من حاجة؟
قال: حاجتي أن تقرأ على خديجة من الله ومنّي السلام.
وحدّثنا عند ذلك أنّها قالت حين لقيها نبي الله(صلى الله عليه وآله) فقال لها الذي قال جبرئيل، قالت: إنّ الله هو السلام ومنه السلام وإليه السلام وعلى جبرئيل السلام.
|