شهد الادب السردي تطوراً نوعياً في اشكال الادب المطروحة على الساحة الثقافية والادبية . من خلال تطوره بالتقنيات الحديثة , التي تعمقت باساليبها واتجاهاتها في الفن الروائي المعاصر , ودفعته الى نقلة نوعية , اخذت تزاحم مقولة ( الشعر ديوان العرب ) بما يحمل الخطاب الروائي من مؤهلات المنافسة والتزاحم الابداعي. في الشكل والمضمون , في اشكاله وتوجهاته المتنوعة . بما يعطي التعبير اللغوي في بنية السرد الروائي الركن المهم داخل المعمارية الروائية , تعطيه مساحات واسعة في التناول والطرح , فالتقنية الاسلوب اللغوي واسلوب السرد وتقنياته المختلفة عامل مهم في الفن الروائي الحديث . ومدى تناوله قضايا حساسة في الواقع الاجتماعي في مدى علاقته وارتباطه في المفردات الدالة في جملة ابعادها , في البعد المادي والمعنوي والسايكولجي والايديولوجي , والبعد في صياغة وخلق الحدث في المتن الروائي بتنوعاته وتحولاته وتناقلات في البنية الواقع الاجتماعي , وما يصدر من توجهات وسلوكيات من عقليتها الفكرية . والحركة النقدية ترصد منصات وعتبات عديدة في جوانب النصوص ومن زوايا مختلفة , وينشغل الناقد في اكتشافاتها لتسليط الضوء عليها . اضافة الى كشف البنية اللغوية والفكرية داخل النص الروائي . ووظيفة الناقد المبدع في مهنته النقدية , ان يكتشف دواخل النص ومكوناته الداخلية والخارجية . في التقييم الموضوعي في ذائقة التذوق والوضوح , في جوانب الحدث السردي بمظاهره المختلفة . ان ينشغل في عملية الكشف شكل الخطاب اللغوي وتقنياته . في المضامين البارزة في داخل النص . أن الناقد في ممارساته النقدية , يضيء جوانب عديدة من الاكتشافات , في مدى قربها أو بعدها عن الابداع والفن الروائي , ومدى ارتباطها أو بعدها عن الواقع , ومدى براعتها في توظيف اتجاهات التناص في جوانب الحبكة السردية . والناقد الدكتور ( وليد العرفي ) يملك مؤهلات معرفية واسعة في اشكال الادب , من خلال الممارسة والخبرة والكفاءة باعوامها الطويلة في مجالات النقد واشكال الادب الاخرى , في اهتمامه البارع في دراساته وابحاثه النقدية . ويأتي هذا الكتاب النقدي ( تقنية الخطاب اللغوي في القصة والرواية ) هي حصيلة دراسات نقدية رصينة , سجلت اكتشافاتها لمجموعات روائية وقصصية من الادب السوري . يسلط الضوء على جوانب عديدة في تحليلاته النقدية المتنوعة , منها في الشأن اللغوي ومعماريته وتقنياته داخل النص , وتقنيات الاحداث السردية وافعالها وحركتها , وسلوكية رؤيتها الفكرية في اتجاهاتها المختلفة . ومدى تفاعل الشخصيات في الحدث الروائي , بأعتبار الشخصية هي العمود الفقري في البنية الروائية , في التحولات والتنقلات . ان هذه الروايات والقصص المختارة بمجهر نقدي يمتلك البراعة ,في تسلط الضوء الكاشف داخل النص . في التحليل والتشخيص والتفسير , في العمق اللغوي والدلالات الفكرية في المعنى والمضمون . وتعمقها وتطورها داخل الفضاء الروائي . تناولها بجهد موضوعي وبالرصانة النقدية الهادفة . ومن خلالها يكتشف القارئ مدى الجهد المبذول في تناول النصوص وتفكيك شفراتها الدالة , في براعة خبرة الناقد في اكتشاف المناطق الظاهرة والباطنة داخل النص . ويكتشف من خلالها ايضاً أهمية النقد الجاد ووظيفته النقدية في تناول النصوص الروائية والقصصية . ان تناولها ليس بالعمل السهل , وانما يحتاج خبرة وممارسة وكفاءة ومعرفة في جوانب اشكال الادب واتجاهاته , وكتاب الدكتور( وليد العرفي ) . يمثل حصيلة رائعة من الجهد والتوظيف والانشغال في الدراسات النقدية . لذلك الكتاب النقدي يستحق القراءة والمتابعة , بما يملك الناقد من ابداع في الخطاب النقدي برصانة هادفة .
|