ولدت في مدينة سامراء في منتصف الخمسينات، ونشأت في عائلة تنتمي إلى المذهب الحنفي ولكنني لم أكن متعصباً في الانتماء المذهبي بل كنت أميل حيثما أملت عليّ الادلة والبراهين التي احصل عليها بالبحث واتبعت هذا المنطق الموضعي والبناء في قراءة تراث الشيعة فأعجبت كثيراً ببحوث السيد عبد الحسين شرف الدين الموسوي العاملي رحمه الله..
وجهاده المتواصل من أجل التقريب بين اتباع الدين الواحد والمذاهب المتعددة وكان منهجه في إثارة المشكلة وطرحها للبحث العلمي للوصول إلى الجواب الذي لا إشكال فيه.. الأمر الذي يزيل الادران من القلوب ويحطم ما يشاع من مفتريات الغاية منها توسيع الفجوة بين المسلمين.. وهذا المنهج خير ألف مرة من ذاك الذي يدعو إلى تناسي المشكلة العالقة بين المذاهب وكأنها غير موجودة حتى تكبر وتستفحل مما يصعب السيطرة عليها.
ولقد أثبت لي الواقع المشاهد بأن أغلبية الأخوة الإسلاميين السنيين لا يبدون متحمسين لفكرة التقارب ويغلب عليهم الجفاء والجفاف في التعامل مع الإسلاميين الشيعة.. وذلك بسبب ضغط الجهات الدينية المرتبطة بالنظام السعودي الوهابي على هؤلاء الإسلاميين بشكل أو بآخر وذلك ضمن الحملة العالمية التي شنتها الوهابية ضد الشيعة والناس عبيد الدنيا والمُشاهد حالة معظم أئمة المساجد والخطباء وبعض قادة الحركات الإسلامية السنية يدل على أن الكثير منهم قد باع نفسه لقاء ريالات آل سعود التي يدفعونها عن طريق مؤسساتهم في الخارج وبالخصوص رابطة العالم الإسلامي التي تنتشر فروعها في مختلف أنحاء العالم وأيضاً مساجد الضرار التي يبنيها الوهابيون في اصقاع مختلفة من الأرض والتي هي أبواق دعاية لآل سعود والوهابية التي توجه سبابها وكلمات التكفير ضد الشيعة الإمامية هذه الطائفية المقيتة من اهم الموانع لمعرفة الحق وهي من أهم العقبات التي تحول دون توجه الإنسان إلى البحث أو قبول الحق إذا تبين له.. فرأيت أن هناك طريقان لمعرفة العقيدة الحقة أولها يوصل إليها بعد أعمال الفكر وتدقيق النظر وهو ما وصفه علي أمير المؤمنين (ع) عند إجابة السائل عن الطائفة المحقة يوم الجمل فلم يقل الإمام (أنا على الحق) ولو قالها لكان صادقاً.. بل قال(إعرف الحق تعرف أهله) أما الطريق الثاني فهو يوهم بذلك عن طريق تقليد من تعتقد بعدالتهم وهذا يوصلك إلى الحق إن كان من تتبع آراءهم وأحوالهم وافعالهم على الحق وقد يضلك إن كانوا غير ذلك فإنك ستبقى على اعتقادك بأنك على الحق وهو التوهم ويكون وصفك إذ ذاك على ما جاء به التنزيل {وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا}الكهف/104.
وفي نهاية المطاف فرضت الأدلة والبراهين نفسها عليّ فلم أجد بُداً من الاذعان للحق فتشيعت وأنا في منتصف العشرينات من عمري بعد اتمامي للدراسة الجامعية واعتقد أن سبب هذا الانقلاب هو أنني لم أكن أحمل الانحياز الطائفي الناتج عن التعلم منذ الصغر والنشأة فقد كنت منفتحاً لقبول الرأي الآخر وابحث عن الحق دائماً إلا فأي فائدة دنيوية يحصل عليها من يتشيع؟ ولا يتشيع أحد إلا ويكون قد امعن من خلال قراءاته في بطون التاريخ لأن الدنيا لم تزل مدبرة على الشيعة منذ القرن الأول الهجري وأن الشيعة لا يزالون مرامي للنبال ومطاعن للرماح وأجساداً للسجن والصلب والقتل والدفن أحياء والتشريد والتنكيل فقررت الهجرة خارج العراق تخلصاً من النظام البعثي المتسلط على زمام الحكم آنذاك فلم يكن تشيعي في لندن أو باريس والشيعي في مأمن بل تشيعت وأنا في بغداد معقل العفالقة وطاغوتهم صدام حيث لا يجد الشيعي غير السجن والقتل والملاحقة لقد تشيعت في قمة الاضطهاد الصدامي للشيعة وذلك في آواخر السبعينات وأوائل الثمانينات فلم يكن هناك في الحسبان دنيا ولم يكن هناك ترفاً فكرياً في الأمر
قمت بتأليف عدة اصدارات منها (حجج النهج، المختار في نهج البلاغة) تناولت فيه سبب أن يكون الإمام علي (ع) هو خليفة النبي (ص) وتفضيله على معاصريه اجمعين. وكتبت أيضاً (الطائفية في العراق- الواقع والحل) تناولت فيه العقدة الطائفية لدى أغلب اهل السنة والتي تربوا عليها ونشأوا تحت ضغطها.
|