على تلكَ القُضبان تكسّرت الآمال والطموحات، فاضتِ الآرواحُ وسالت الدموع، تناثرتِ الأجساد ونُزفت الدماء، إرتفع العويلُ وعمّ البكاء، سقط شهداءٌ وعشرات جرحى غرباء ..
على تلك القُضبان فاضت روحُ أمٍ تنتظر العودة لأبنائها
وروح شاب كان يقضي خدمته وينتظر لقاءَ أحبّتهِ
وروح عجوزٍ غطّى الشيبُ وجهه وهزُل جسدهُ
وروح طفلٍ كان في بداية حياته ينظر من شُباك القطار يتأمّل في حياةٍ سيكبر ليواجهها، لم يرى شيئاً منها بعد لكنه مات
وروح العشراتِ من الفقراء وأصحاب المهنِ ومن خرج ليسعى لـ لقمةِ عيشهِ أو دراسته ومن كان عائداً لأهلهِ وأحبّتهِ ..
وسقط عشرات الجرحى والمُصابين تكتسى الآلام أجسادهم قبل أن تغطي الدموع وجههم
ومن يركض ليبحث عن أهله بين الركام، تناثرت الأشلاء وجارت على قلوبنا مصائب الزمان ..
وفي وسط كل هذا الزحام وبوادر الحزن والالام رأيت شاباً ينوحُ ويبكي ويركض كالمجنون وكأن لسان حالهِ يقول :
" ما شوفتش صاحبى ياخال كان لسة قاعد جنبى وعازمنى على شاى، ما شوفتش صاحبى ياخال كان جايب حاجات ومستنياه ام العيال كان فرحان ومبسوط علشان كان هيشوف اهله بعد ما طال الغياب،
ما شوفتش صاحبى ياخال دا لسه شاب غلبان سايب أهله ورايح يدور على رزقة علشان مصاريف الجواز
ما شوفتش صاحبى ياخال كان بيحكيلى عن حبيبته حكايات
وكان جايبلها شال وخلخال وأسورة دهب وشال أهو هيرجعلها جثه ملفوفه في الأكفان
ما شوفتش صاحبى ياخال هقول أيه لأمه اللى مجهزاله الأكل وقاعدة مستنياه بفارغ الصبر يُطل عليها بفتحة الباب
ماشوفتش صاحبى، دا لسه مودعني وواخدني بالأحضان "
كانوا ماشيين في حالهم جمب الحيط أهمّ حاجة يرجعوا البيت واليوم يعدي على خير بس الخير كان رأيهُ غير خد حبايبنا وسابنا نموت وإحنا عايشين ..
رحم الله آهالي حادثة القطار وغفر لهم أدخلهم فسيح جناته ونحتسبهم عن الله من الشهداء وشافى الله تعالى جميع الجرحى والمُصابين وخالص التعازي لأسرهم وذويهم أجمعين ولعن الله المُتسببين في تلك الفاجعة الأليمه ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم وحسبنا الله ونعم الوكيل ..
|