• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الإمام زين العباد (عليه السلام) ورسائله المبتغاة حق الكبير .
                          • الكاتب : منتهى محسن .

الإمام زين العباد (عليه السلام) ورسائله المبتغاة حق الكبير

 في داخل رواق بيت العميد سامي، تتعرف على كل مظاهر البذخ والترف، فعائلة العميد سامي المتكونة من زوجته، وأبنائه عادل وعماد ووالدته المسنة، يعيشون حياة الملوك اثر الغنى وبحبوحة العيش، الأمر الذي انعكس سلباً على اخلاق الأبناء.

وفي إحدى غرف البيت الخلفية، يسكن أيضاً رجل مسن، يقوم بتنظيف البلاط حيث قدم هذه الخدمة منذ ايام شبابه وحتى اليوم، حيث ناهز السبعين عاماً، ولطالما سعت الزوجة أن تستبدله بعامل آخر أكثر نشاطاً، إلا أن زوجها العميد يرفض قائلاً لها: لا تفكري بهذا، فان ابا احمد رجل مخلص وأمين.
 في حين راح عادل وعماد يغتنمان فرصة غياب والديهما، ويتعمدان الاساءة اليه، وذات مرة اتفقا على عمل مقلب بالرجل المسكين، واستغلا سفر والدهما وذهاب امهما للتسوق بعمل مكيدة يوقعون به، حيث لم يبق في البيت الا جدتهم المسنة التي تغط في نوم عميق، فراح عادل يحدث اخيه عماد الذي يصغره بعامين:
عادل: سأعقد هذا الحبل في مقدمة السلم سأضعه ارضاً، فلما يقدم ذلك العجوز الخرف سأجعله يتدحرج كالكرة وننتهي منه.
عماد: ولكن يا اخي قد يموت العم ابو احمد بتلك السقطة القوية..!
عادل: وهذا ما اطمح اليه، فأنا اكرهه لا اطيق النظر اليه، حتى ابتسامته نحوي تغيظني.
حانت لحظة التنفيذ، وقد سمع الولدان صوتا قادما نحو اعلى السلم، ولما زادت همهمة الصوت شدا الحبل، فلما سمعا صوت التأوه والتدحرج اتضح بأن جدتهما المسنة هي التي سقطت من اعلى السلم، وليس العم ابو احمد..!.
بقيا للحظات واجمين لا يعرفان ما يفعلان، وعلى اثر ذلك الدوي، هرع العم ابو احمد نحو مصدر الصوت، وقام بما لديه من همة وقوة بإغاثة الجدة، وسرعان ما اتصل بطبيب العائلة حيث قام بالواجب، وفطن العم ابو احمد بمكيدة الولدين، لكنه لم يوبخهما ولم ينظر اليهما إلا نظرة العطف والرحمة، ولما عادت الام الى المنزل القت جام غضبها عليه، واعتبرته المذنب والمقصر في تنظيف البيت، ولكنه لم يدافع عن نفسه ولم يتلفظ ببنت شفة.
شعر الولدان بالندم، فقررا ان يعتذرا للعم ابي احمد، فطرقا باب غرفته ودخلا فشاهدا العم ابا احمد ساجدا على مصلاه، يدعو ويدعو طويلا، فلما انتهى بادلهما نظرة المحبة التي لطالما احتضنهما بها وقال: اعرف سبب مجيئكم، لن اقول لكما الا اني سأظل احبكما مهما بدر منكما.
سرعان ما القى كلا من عادل وعماد نفسيهما نحو حجره وراح يبكيان معا فقال لهم:
هيا يا رجال كفا عن ذلك، ارجو منكما بأن تكون المحبة والرفق شعاركما في هذه الحياة، فأي كان من سقط انا او جدتكما، فكلانا كبيرا السن، وعليكما واجب توقيرنا واحترامنا، وهذا ما نص عليه ديننا.
انظرا لما تحمله سطور هذه الصحيفة السجادية لإمامنا السجاد (عليه السلام) التي هي بين يدي الان، اجلسا بقربي كي نقرأ سوية ما جاء في حق الكبير حيث قال (عليه السلام): 
"وَأمّا حَقُّ الكبيرِ، فَإنَّ حَقَّهُ تَوقِيرُ سِنِّهِ وَإجْلالِ إسْلامِهِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَضلِ فِي الإسْلامِ بتَقْدِيمِهِ فِيهِ، وتَرْكِ مُقَابَلَتِهِ عِنْدَ الْخِصَــــــــــامِ، ولا تَسْبقْهُ إلَى طَرِيقٍ، ولا تَؤُمَّهُ فِي طـرِيقٍ ولا تَسْـــــــتَجْهِلْهُ. وَإنْ جَهِلَ عَلَيْكَ تحَمَّلْتَ وَأَكْرَمتَهُ بحَقِّ إسْلامِهِ مَعَ سِنِّهِ فَإنّمَـــــــا حَقُّ السِّنِّ بقَدْرِ الإسْلامِ. ولا قُوَّةَ إلا باللهِ".
(رسالة الحقوق للإمام زين العابدين عليه السلام).




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=153426
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2021 / 03 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16