كَربَلاء.. حّدِّثيني عنِ الفِدَاء
عن الأكوَان التي زَلزَلَهَا النِّدَاء
عن النَّاصر..
فَحينَها قَد كنتُ طِفلة
تَعشَقُ في ظِلَالِ الغَيَاباتِ .. نَخلة
وَلا تَدري مَا سرّ النَّخيل..!
وَلاَ الهَامَات التي تُطَاوِلُ شَمسَ الأصيل
وَلَا تَدري..
في خَارِطَةِ الأحزَانِ ما العِرَاق..!
وَلاَ دِمَاء الطُّهرِ التي ظُلمَاً تُرَاق
وَلكن..
أعرفُ أنَّ تُراَبَكِ.. كَانَ للصَّلاة قِبلَة
وَكنتُ أصلّي بـاحتِرَاق
كَربَلاَء..
حَدِّثيني عنٍ الدِمَاء التي سَالَتٔ في تِلكَ الفَيَافي
عنِ الحبرِ الذي سَرَى حُزنَاً في روحِ القَوافي
فَحينَ كانَ الغيمُ مِحبَرَتي
كَتبتكُ أوَّلَ جُملة
وَكَان الشَّوقُ صَومعَتي
وَكانَ..
لا أذكُر..
طِفلة..!
عنِ الجنونِ حَدّثيني
أَكَربَلاَ..
عن المَنحَر ..
عن الفُراتٍ الذي جَفَّ
وَذَاكً المَلاَذ الذي أقفَر
أُيمِمُ شَطرَ أحزَانِك
أطوف.. أتلو صَلواتي
في مَحَاريبِ الوُجود
فحَدِثيني عن الصمود
عن الخشوعِ في عُمقِ السجود
وَكبُرت.. كَبُرتُ لأوَّلِ وَهلة
وَثَارَت في دَمي الطّفلة
تهتُ بِدرب أحزانك
وَبي مَسّ من جنون
أرَى عابساً عاقل..!
أرى عَطَشاً، أرى القُربَة..
أرى الفرَات ينتحِبُ
والسَّما أراها سَرمَديّةُ الكُربة
يا لِبلائِك..
أتوهُ في أزقَّتكِ الحَزينَة
وَالصَّقيع..
يُشعِلُ أعتَابَ المَدينة
أضيعُ في ذَاكَ التّيه
وَفي السَكينَة
وَلا شيء..
سِوَى تُرَاب رَضَّ أضلُعي
وَحَوَافرُ الخَيل
وَذَاكَ الدَّعي
تتلَاشَى بيَ الصّوَر
تَنقُلني إلى المَنفى
كَربَلاء..
أريدُ منكِ أن أُشفَى
وَتفقدُني ذاكِرَتي
لأصحوَ على نور.. يُبدّدُ عَتمَتي
يَأتي من هُنَاك..
من سَرَاديبِ الغِيَاب
وَثَارَات..
تُداوي فيَّ وفيكِ العَذَاب
وَتُؤويني إلى قَلبك
تُضمّدُ جُرحَ أزمَانك
تُغيّرُ رَسمَ أحزَانك
وَتُعيدُني طِفلة..
كَربَلاء.. حَدّثيني
|