لقد شهد عام ٢٠٢٠م الكثير من الأحداث المؤلمة والكبيرة والعظيمة ، إلا أن الجريمة الأمريكية في مطار بغداد في ٣ كانون الثاني ٢٠٢٠م وإستشهاد قادة النصر ( الشهيدان قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ) ورفاقهم ، تمثل بحسب أغلب المراقبين وقادة الرأي والتحليل هي الحدث الأعظم والأكبر لما تحمله من دلالات وآثار داخلية على المستوى العراقي وكذلك إقليمية ودولية .
وقد لاقت هذه الجريمة رغم كل محاولات الإعلام الموجه ضدها بالتعتيم والتصغير والإخفاء ، إلا أن حضورها المميز إعلامياً وشعبياً وسياسياً وحتى عسكرياً يفرض نفسه بقوة وشدة .
الدولة بما تعنيه من مؤسسات رسمية وقيادات سياسية وطبقة حاكمة ، تقع على عاتقها مسؤوليات عديدة تنطلق من أبعاد مختلفة ؛ دستورية وقانونية و وطنية و أخلاقية وغيرها ، وبالرغم من كل ذلك فإنها إزاء هذه الجريمة الكبرى ، فإنها متلبسة بثياب التنكر للمسؤولية الوطنية والدستورية ، وتعد المؤسسة أو الجهة المتضاعفة أوالخائفة أوالمختبئة خلف إصبعها ، رغم الوضوح الصارخ للجريمة وإنها تشكل عدوان سافر وصريح قامت به دولة هي امريكا بإقرار رأس السلطة فيها ، على دولة أخرى مستقلة وذات سيادة وفي مطار دولي ، وبحق قيادات عراقية عسكرية رسمية مع ضيوف الدولة العراقية .
إن الدولة بما قصدناه هي المسؤول الأول دستورياً و وطنياً وأخلاقياً عن حماية سيادة العراق وكرامة شعبه ، وهي المسؤولة عن التصدي لكل إعتداء وعدوان يرتكب بحق العراق وشعبه ، بالذات إذا كانت الجريمة ضخمة و واضحة ؛ كما هو الحال في جريمة المطار وإستشهاد قادة النصر ورفاقهم .
إن مواقف أغلب المسؤولين في الدولة العراقية لا سيما الجهات المختصة قضائياً ، هي مواقف خجولة بل مخجلة ، وإننا نرى هناك تواصل وإهتمام بلقاء القاتل ومبعوثيه ، أكثر من الإهتمام باللقاء والتواصل مع عوائل الشهداء وممثليهم . وللمراقب مثلاً أن يراجع خلال هذا العام لقاء الرؤساء والقيادات السياسية ومنهم مسؤولي السلطة القضائية ، عدد مرات لقائهم بالسفير والمبعوث الأمريكي من جهة ، واهتمامهم ولقائهم بعائلة الشهيد أبو مهدي المهندس وبقية الشهداء من جهة إخرى ! .
إن المواقف المذبذبة والمرجفة من أغلب الطبقة الرسمية والقيادات السياسية في الدولة ، إنما تسعى للحفاظ على مصالحها ومكاسبها عند سيدهم الذي يحوطونه بالعبادة والتسليم سراً وعلانية ، مهما حاولوا تبرير مواقفهم المهزومه خلف ( دعوى ) التعقل وحفظ المصلحة العليا للشعب ! . ومما لا شك فيه أن الذكر والبقاء للرجال والمواقف الحقة ، وأما المرجفون فإن التأريخ سيسطر أسمائهم ومواقفهم في صفحاته السوداء القاتمة .
|