• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التعقّل .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

التعقّل

من أكبر نِعَم الخالق على الإنسان هي نعمة العقل ، هذه الجوهرة التي علا بها كعب الإنسان على سائر المخلوقات ، وميّزته عن جميع ما سواه ..

هذا التمييز وهذا العلوّ مشروط بصحّة استعمال العقل وتوظيفه توظيفاً يتناسب مع أهميّته وحجمه .. ولهذا ، فكثير من البشر تسافلوا الى ما دون حدّ البهيمية - أكرمكم الله - بسبب سوء التصرف بهذه الدرّة الثمينة .

كثيراً ما نُسيء استعمال العقل ولا نجيد حسن إدارته ، وهنا أريد أن أركّز على نقطة مهمّة من نقاط الإستعمال الصحيح له علينا ملاحظتها والاعتناء بها وهي :

للعقل مرحلتان عند النظر الى الأمور والأشياء وعند معالجتها وإصدار الأحكام الخاصة بها ، كالتحسين والتقبيح .. الخ :

الأولى : مرحلة التعقّل السريع ، أحكام هذه المرحلة تتصف بكثرة الخطأ والتوهم ، هذه المرحلة أو المساحة قابلة للمغالطة وتتأثر بالحالة النفسية والعاطفية وينعكس عليها ظرف الزمان والمكان ، يستعمل العقل هنا ما تبقّى من ذاكرة ويؤثر عليه العقل الباطن كثيراً .. فحكمنا بالصحّ أو الخطأ أو اتخاذ القرارات .. الخ ضمن هذه المرحلة يكون مستنداً الى هكذا مدخلات متضاربة وضعيفة وعليه فإن مخرجاته لا يمكن الاعتماد عليها دائماً وأنها قابلة للتغيّر والتبدّل .

الثانية : مرحلة التعقّل البطيىء - نسبياً - ولكن بأحكام ونتائج أكثر حكمة وأكثر صحّة وإصابة للواقع ، لأن العقل هنا سيتجرّد - جزئياً أو كلياً - عن الحالة الطارئة والظرف الذي يمرّ به صاحبه ويبتعد عن بعض الضغوطات المؤثرة سلباً عليه ، وستكون لديه فرصة سانحة لإستعمال وإسترجاع خزين كبير من الذاكرة ، وسيُعطى مساحة أوسع لعمليات المعالجة والمقارنة والترجيح ومراجعة التجارب والثوابت والمبادىء التي تحلّى بها سابقاً بصورة قَبْلية أو كسبية .

وبالتأكيد أن المرحلتين او المساحتين أعلاه تختلفان من شخص الى آخر وبحسب عوامل ذاتية وخارجية متنوعة ، ولكن نحن نتكلم هنا عن تقسيم نوعي وعام للبشر .

ويوجد مثال بسيط وسريع لتوضيح هذه الفكرة : فلو سألتك : واحد × واحد = اثنين أو اثنان .. ؟ فالكثير منّا سيحاول الإسراع بالإجابة النحوية وليس الحسابية ويقول : ( اثنين ) أو ( اثنان ) .. وكلاهما خطأ ولو تروّى قليلاً لقال : واحد ..! لأن ١× ١ = ١ .

وهذه طائفة من النصوص الإسلامية التي تمنع التسرّع وتُدين العجلة :

* قال تعالى ( ويدع الإنسان بالشر دعاءه بالخير وكان الإنسان عجولا ) الاسراء ١١ .

* الإمام علي ( عليه السلام ) : العجل يوجب العثار . وعنه (عليه السلام) : مع العجل يكثر الزلل .

* عنه ( عليه السلام ) في وصيته لابنه الحسن ( عليه السلام ) لمّا حضره الموت : أنهاك عن التسرع بالقول والفعل .
* عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) : إنما أهلك الناس العجلة ، ولو أن الناس تثبتوا لم يهلك أحد .

* الإمام علي (عليه السلام) : العجول مخطئ وإن ملك ، المتأني مصيب وإن هلك .

.. وغيرها كثير




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=151038
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 12 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15