التمهيد لغيبة حججِ الله أو التمهيد لظهورِهما من الثقافات الدينية المهمة التي ينبغي الإهتمام بهما دراسةً وبحثاً وتأصيلا ..
فلم يكن مفهوم التمهيد لغيبة الإمام المهدي أو التمهيد لظهوره محصوراً بالقضية المهدوية وإن كانا من أهم وأوضح مصاديق هذا المفهوم ، وإنما نستطيع القول أن اكثر الأنبياء والأوصياء الذين لديهم حركة إلهية رسالية إجتماعية قد احتاجوا إلى ثقافة التمهيد الخاصة بالظهور والغيبة ..
وبهذا نحتاج الى أن نتوسّع في مصطلحي الغيبة والظهور مفهوماً وتطبيقا :
+ فبعثة النبي - أي نبي - نوع ظهور ، كما أنّ موته نوع غيبة ..
+ وهجرة النبي عن قومه نوع غيبة ..
+ قيام الحجّة بالسيف نوع ظهور في مقابل قعوده فهو نوع غيبة ..
+ استنابة الحجّة لوكلاء ونواب له نوع غيبة في مقابل تصدّيه بنفسه نوع ظهور ..
وهكذا ..
ولمّا كان لكل من ظهور الحجّة أو القائد وغيبته آثارهما على المجتمع وردود الفعل المختلفة اتجاههما سلباً وايجاباً .. كان للتمهيد دوره في التقليل من الآثار السلبية وتعزيز الايجابية لكل منهما ..
فقد تواجَه الغيبة بالإنقلاب على الأعقاب أو تحصل بعدها الرِّدة والكفر .. كما أن الظهور قد يواجَه بالمقاومة والإنكار والإعراض اذا لم يكن هنالك تمهيد مناسب للأمر ..
غاب موسى ع عن قومه أربعين ليلةً وعندما رجع وجدهم يعبدون العِجل بعد أن أضلّهم السامري ، { وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَىٰ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ } البقرة ٥١ { فَرَجَعَ مُوسَىٰ إِلَىٰ قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا ۚ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا ۚ أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي } طه ٨٦ .
فالتمهيد اذن من الأهمية بمكان مادامت رسالة الحجّة ومهمّته متوقفة عليه .. والممهدون قد يكونون انبياء وقد يكونون أوصياء وقد يكونون اولياء ومؤمنين ، ولكن يجمعهم عنوان واحد هو وعي القضية المرتقبة والعلم مع الإيمان بها وتحمّل مسؤوليتها .. وقد تشارك في التمهيد علامات كونية أو اجتماعية او غيرها في تفصيل ليس هنا محلّه ..
فكان الامام العسكري ع اماماً ممهداً لغيبة الامام المهدي عج ، وكان عيسى ع ممهداً لنبينا محمد صلوات الله عليه حين بشّر به ( وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ۖ فَلَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَٰذَا سِحْرٌ مُبِينٌ ) الصف ٦
وهذا الأمر نفسه نستطيع تعميمه على كل حركة ايمانية صادقة في المجتمع يقوم بها عالم دين أو صاحب رسالة اصلاحية او الهية حقة ..
اللهم عجل لوليك الفرج
|