اعظم مخلوق في هذا الكون لم يعش في هذه النشأة الدنيا الا ثلاث وستون عاما، عاشها فقط لتأدية المهمة العظمى فما ان انقضت حتى انطلق الى مكانه المذخور لكنهه وماهيته التي هي ابعد ما تكون عن لحاظاتنا، فكان حديثه على قدر عقولنا "انا معاشر الانبياء امرنا ان نكلم الناس على قدر عقولهم" وهو القائل لعلي (عليه السلام) "ماعرفني الا الله وأنت".
هذا الانسان الكامل لاقى الأذى بعد دعوته الالهية من بعض المحيطين به ممن بذل جهده لهدايتهم فصبر على ذلك الاذى، فهو لا يعنيه أمر شرهم اتجاهه، ولا يقيم له وزناً فهو سائر وفق البرنامج الرباني الذي كلف بتأديته، وقد وطن نفسه بتربية عالية على كل المواجهات المحتملة، فقد صدح منذ البداية رادا على قريش، موجها خطابه لعمه وكافله ابي طالب عليه السلام: "يا عماه لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يسارى على أن أترك هذا الامر حتى يظهره الله أو أهلك فيه ما تركته، ثم استعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى…" (تاريخ الطبري: ج2، ص67).
حتى حان موعد الرحيل كان كعادته رؤوفا بهم اراد لهم الخير بالتاكيد على تحديد المسار الذي ذكره في غدير خم بامر من الله تعالى باتباع من هو نفسه بنص القرآن علي (عليه السلام) كي لا يضلوا ويخسروا، لكنهم أبوا الا الضلال عدا ثلة طيبة عرفت الحق وإئتمرت بأمره(صلى الله عليه وآله) بالرجوع الا الهدى الذي تعين في وصاية الامام امير المؤمنين (عليه السلام).
فكان حب الرئاسة الشر الذي ران على قلوب المنافقين فاعلنوا عصيانهم لأمر الله تعالى ووصية النبي جهاراً نهاراً وبكل اصرار وعناد مرهبين كل من يخالف مخطط الشر الذي هموا بتطبيقه، منتهكين للحرمات بالارهاب والقتل والتمثيل.
ولا زال حب الرئاسة عند البعض يعمي ويصم متجاوزا كل الحدود الشرعية والاخلاقية.
وكان ممّا قاله أميرالمؤمنين(عليه السلام) وهو يلي غسله (صلى الله عليه وآله) وتجهيزه:
"بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي، لَقَدِ انْقَطَعَ بِمَوْتِكَ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ بِمَوْتِ غَيْرِكَ مِنَ النُّبُوَّةِ وَالاْنْبَاءِ وأَخْبَارِ السَّماءِ، خَصَصْتَ حَتَّى صِرْتَ مُسَلِّياً عَمَّنْ سِوَاكَ، وَعَمَمْتَ حَتّى صَارَ النَّاسُ فِيكَ سَواءً، وَلَوْ لاَ أَنَّكَ أَمَرْتَ بِالصَّبْرِ، وَنَهَيْتَ عَنِ الْجَزَعِ، لاََنْفَدْنَا عَلَيْكَ مَاءَ الشُّؤُونِ، وَلَكَانَ الدَّاءُ مُمَاطِلاً، وَالْكَمَدُ مُحَالِفاً، وَقَلاَّ لَكَ! وَلكِنَّهُ مَا لاَ يُمْلَكُ رَدُّهُ، وَلاَ يُسْتَطَاعُ دَفْعُهُ! بِأَبِي أَنْتَ وَأُمّي! اذْكُرْنَا عِنْدَ رَبِّكَ، وَاجْعَلْنَا مِنْ بَالِكَ" (نهج البلاغة: ٢٣٥)
فالسلام على رسول الله يوم ولد ويوم رحل ويوم يبعث حيا.
اعظم الله تعالى اجوركم
|