أفول الشمس قصيدة رثاء الى امي

مالي أرى سحباً دهْماء من عثن ِ ***** أهوالهنّ جلاء الخير والحسن ِ


والليل يطمر وجه البدر في حللكٍ ***** والصبح ينعى أفول الشمس في الزمن ِ


حتى النهار اتاني رأسه خضبا ً ***** قد شق جلبابه في ساحة الشجن ِ


الدهر والريح والايام تندبني ***** مستصرخات ٍ فناء البيت والركن ِ


بالله هذا عزاء الام ّ اسمعهُ ***** امْ زلزلت نفخ يوم النار والعدن ِ


ناديت أمَاه وسط الناس منذهلا ً ***** فلا جواباً ولا أيماء ينقذني


أمَاه لا تتركيني دونما خبر ٍ ***** فالموت لا يفصل حبّ الأم ّ للأبن ِ


على يدي اتاها الموت في عجل ٍ ***** يستل سيفاً عقيماً فاقد المنن ِ


لو كان حرباً لنازعت الجيوش لها ***** اسل سيفاً غليظاً وارد المحن ِ


مطاعنا ً دون أمّي حاسراً صلباً ***** هيهات تدنو سرايا الموت في الطعن ِ


لكن أمر العلى قد رف بيرقهُ ***** فاستسلم العقل للأقدار والسنن ِ



قد سوّر القلب والأكباد بالفتن ِ ***** واستوطن الجرح والآلام في البدن ِ


وأطلقت سحب الأجفان غلتها ***** تكوي الخدود بنار ٍ من لظى الدخن ِ


وشيّد النوح والآهات أسورتي***** وجثّت النفس وسط اليأس للوسن ِ


يلتاع قلبي سرير المهد اهجرهُ ***** مازلت ارغب للأكتاف والحضن ِ


كيف الرحيل وناب الجوع ينهشني ***** أني إلى الآن لم اشبع من اللبن ِ


أمَاه ردّي غيوم البعد بارقة ً ***** مازلت أخشى ظلام الليل والدجن ِ


أمَاه هبّت مآسي الدهر مسرعة ً ***** كما الخيول إذا هدّت بلا رسن ِ


أمَاه هذي زوايا البيت لاطمة ً ***** حتى الستائر والجدران من جنن ِ


حملت نعشك نواحاً ومضطربا ***** فكيف للقبر اهدي روعة الفنن ِ



يا حافر القبر وسعْ مضجع الكفن ِ ***** فهي الحياة بحجم الكون والوطن ِ


يا حافر القبر أنْ تدري مكانتها ***** شلّت يداك من الحسرات والحزن ِ


يا حافر القبر لا تنهي على عجل ٍ***** كي تطلق العين فيها دمعة الزمن ِ


يا حافر القبر مهلا كي أودعها ***** وداع أبن ٍ بدا شيخوخة الوهن ِ


يا حافر القبر اجعلني بجانبها ***** فكيف أمضي الى بيت ٍ بلا سكن ِ


واريتك الترب عن بدٍّ وعن مضض ٍ***** كأن ّ كفي نسى برا ً يسيرني


فقد بكيت بكاءا ً كاد يسمعه ***** من في القبور ومن في الريف والمدن ِ


أماه مَنْ في صباح الغدّ يوقظني ***** وأيّ كفٍّ بطيب النفس تلقمني


و مَنْ لدائي اذا غارت عساكرهُ ***** وأيّ عين ٍ تسيل الدمع كالمزن ِ


مَنْ يسكب الماء عند الباب في سفري ***** بالحفظ تدعو وفي خير ٍ تودعني


ومن تسامر نجم الليل واجفة ً ***** حتى الرجوع بدفء الحضن تأخذني


بحر الحنان وعشب الدفء ساحلها ***** يا أغلى أمًّ توازي التبر في الثمن ِ



أمّي قلادة جيد الشمس في العلن ِ***** لا الكسف يحجبها لا السحب ذو الغضن ِ


صماء بكماء في محرابها سجدت ***** عساكر النطق والإصغاء والإذن


كل العيون إلى إيمائها شخصت ***** فتسمع العين قولا ً بالحديث غني


هيهات يسري حديث بين مجلسها ***** قد أفحمت كل راو ٍ ناطق ٍ لسن ِ


فيها الأمومة قد دكت معاولها ***** معاقل الظلم والأهوال واللزن


اذ العفاف وثوب الطهر ملبسها ***** ما شرّعت بابها يوما إلى الدرن ِ


الصبر والحزم في لبناتها طنبٌ ***** أسّ الثبات امام الأفك والأحن ِ


يا من حوت املآ في كل نازلة ٍ ***** لم تلبس اليأس جلباباً ولم تهن ِ


تقتات منها نجوم الكون زينتها ***** امّي مع الفجر حبل ٌ شدّ كالقرن ِ


أصبحت في الدهر من بعد الفراق سدى *****أمّاه ياليت لم أولد ْ ولم أكن ِ


في رحمة الله يا أمَاه اضطجعي ***** فلن أرى مثل هذا اليوم يفجعني