كان سؤال الامام الحسين ع ( بأي ذنب قُتل رضيعي) لم يفارق مخيلتي وانا اعيش لحظات الواقعة بكل تفاصيلها مع اصوات القراء والرواديد على المنابر الحسينية، حتى بات هذا السؤال جزءٌ اعجازيا لا يمكن لاي متابع منا الاجابة عنه..! فمن اين لنا القدرة على الاجابة .. بماذا نجيب ان نطق الدمُ..!
كل ما جرى في واقعة الطف على الحسين ابن علي ع واهل بيته، فهو اعجاز..! نعم اعجاز لدرجة تفوق التصور او الفهم الحقيقي لهذه القضية التي من خلالها تغيرت ملامح الكون..! ومن اهم الاعجازات التي اوجعت قلب الحسين ع وادمت قلب محمد ص وال محمد والتابعين لهم، هو اعجاز " عبدالله الرضيع" الطفل الاصغر للامام الحسين ع.. فمن يدعي ان الامام الحسين اخرج طفله عبدالله الرضيع ليطلب به الماء من جيش بني امية، فهو واهم جدا..! الحسين ع اكبر من ذلك ولو اراد او كان يرى فيهم امل بذلك لاخرج اليهم عشرات الاطفال قبل القتال.. كانت قلوب شيعة ال ابي سفيان اشد من الحجر ، والغلضة هي السمة السائدة على قلوب المنافقين ، وان القضية بنظر الحسين ع ابعد من شرب الماء واكبر من كل منابعه.. انها منبع الدين والعقيدة الاتية من عمق العرش والتي لا يفقه معناها الا من كان بحجم عبدالله الرضيع واكبر..!
فبعد ان قُتل الجميع و لم يبقى من الحسين ع ظهيرة يوم عاشورا الا النسوة والاطفال ، وهو ينادي باعلى صوته ( الا من ناصرا ينصرني وانا ابن رسول الله) تقدم اليه هذا الرضيع مقطعا اقمطة الطفولة وملبيا لنداء ابيه الحسين بلغة الجهاد والتضحية التي لا يفهم طلاسمها الا من كانت جدران ديارهم مزارا تطوف حوله ملائكة الجليل سبحانه..! احتضن والده تعلق بصدره تقلد بعزمه وبرز اليهم وحده بين يدي الحسين ع.. لم يكترث لجمعهم ولم ترهبه كثرتهم ، لانه ابن محمد وحفيد علي صلوات الله عليهم، ابى ان يقتل الا بطريقة تليق بشجاعته، فقرر بلحظة الوقوف امامهم بكامل هيبته مرفوعا بيدي ابيه خالعا كل الدروع الواقية التي يرتديها الاطفال بعمره، تحداهم بنحره الشريف حتى اتاه سهم مثلث نبت فيه فالتفت لابيه وكأنه يقول له.. اوفيت يا ابتي؟ فيردها الحسين ع .. اي وحق جدتك فاطمة ..!
فكرت بأن انقل الصورة الواضحة لامه الرباب عليها ، وكيف ودعت ابنها حين استأذنا للخروج الى الحرب.. لكنني قررت ان لا انقلها وسأترك الخيار لكم ليرى كل واحدا منكم كيف يكون حال امرأة تودع رضيعها لساحة الحرب..! وكيف يكون حال امراة تشاهد طفلها يذبح من الوريد الى الوريد بهذا الشكل..!
|