• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : ما زال العباس هناك  .
                          • الكاتب : علي مارد الاسدي .

ما زال العباس هناك 

 كثيرا ما قرأت في أدبيات ما وراء الطبيعة "الميتافيزيقيا"، حكايات عن شواهد موثقة لا حصر لها، تدل على ان روح من يقتل ظلما وعدوانا، وفي ظل أجواء خاصة تجتمع فيها العاطفة الانسانية او الدينية، لا تغادر مكان الجريمة حتى تُنصف ممن ظلمها وأزهق روحها.

ان كل من قرأ وبحث في النزر الشحيح الذي وصلنا من سيرة ابي الفضل العباس، وعاش معه في خياله محنة الساعات الاخيرة من حياته القصيرة "استشهد وعمره 36 سنة" وهو يفتدي بنفسه أخاه الامام الحسين واهل بيته، سيدرك السر الكبير للحضور المؤثر الذي تميزت به هذه الشخصية المقدسة في قلوب الشيعة منذ قرون.
لقد لفظ العباس انفاسه الاخيرة بعد ان قطعوا يديه، و مزقوا قربة الماء امام عينيه، تلك التي جاهد وبذل حياته من أجل ايصالها ليسقي الرضع والاطفال العطاشى في المخيم ، قبل ان يحيط به الاعداء من كل جانب، فيقطعوا أوصاله إربًا إربًا ، بسيوف صقلتها الاحقاد والضغينة واللؤم القريشي المتأصل قبل وبعد السقيفة على أهل بيت النبي الاطهار ، لتطوى حياته الشريفة بضربة عمود على رأسه الشامخ، وذلك في ظهيرة العاشر من محرم عام 61 للهجرة.

واليوم... نجد ان كل من يزور مرقد ابي الفضل العباس في كربلاء بقلب حاضر و وجدان خاشع، متأملا في طريقه نهر الفرات ، مستنشقا عبير امواجه و لائذا بوارف نخيله ، لا بد ان يلمح ببصره أو بصيرته، ذلك الخيال الآسر البعيد ، المهيب رغم انكساره ، وهو يقف شاخصاً متطلعًا صوب المكان حيث كانت الخيم، يحمل قربته المثقوبة، تلك التي ما زالت الى يومنا هذا تشخب بدل الماء دمًا لم يجف أو يبرد !


علي مارد الاسدي




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=147705
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 08 / 27
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15