• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الغدير بنظرةٍ مختلفة .
                          • الكاتب : يحيى غالي ياسين .

الغدير بنظرةٍ مختلفة

صحيح ان أهم ما في حدث الغدير هو تنصيب الإمام علي عليه السلام خليفةً للرسول ص وآله بأمرٍ من الله تعالى ، وصحيح أن أهم ما في حدث السقيفة هو تنصيب ابي بكر خليفةً للرسول ص وآله بأمر من القوم .. إلّا أننا ينبغي ان لا ننظر الى الحدثين من زاويةٍ شخصيةٍ لهذين الخليفتين ، ويجب ان لا نقصر نظرنا بدائرة الأسماء .. وإنما ينبغي أن ننظر الى الحدثين من زاوية انهما نظامان وطريقتان لخلافة النبي الاكرم ، علينا ان ندرسهما كمدرستين ، او مؤسستين ، او فكرتين واتجاهين ، لكل منهما مذهبه وقوانينه وذوقه الخاص بطريقة إدارة الإسلام كدينٍ وكأمّة بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ..

اختلاف نظام الغدير عن نظام السقيفة ليس بالشخص ولا بإسم الذي تولّى الخلافة ، وإنما يختلفان بالمبدأ وبالفلسفة وبالرؤية وبطريقة التعاطي مع الامور والمهام ، يختلفان شكلاً ومضموناً تماما ، هكذا علينا ان ننظر الى الحدثين .

ولو اردنا ان نستقصي اوجه الاختلاف لوجدناها كثيرة ، لأن الفارق بينهما كبير والمسافة واسعة بوسع المسافة بين السماء والأرض ..! ، خلافة الرسول وفقاً لنظام الغدير كانت خلافة مسددة من السماء لا شرّ فيها بالمطلق لأنها لا تقبل الخطأ ، بينما خلافة الرسول وفقاً لنظام السقيفة مدعومة من اشخاص تحالفوا على غاية مؤداها الإمرة على الناس ، جذورها عصبية جاهلية تعتمد على قاعدة ( منا امير ومنكم أمير ) او قاعدة ( لا تجتمع النبوة والخلافة في بيت واحد ) ، لنظام السقيفة باب واسع للشرّ حتى ان اول خليفة لهذا النظام كان ( فلتة وقى الله المسلمين شرّها ) على حد تعبير أحد قادة ومؤسسي هذا النظام ..

نظام الغدير في تحديد الخليفة له قانون واحد في تسمية من يَخلُف الرسول وهو قانون التعيين والنص الإلهي ، بينما لم يرسو نظام السقيفة على طريقة محددة بتسمية الخليفة ، فتارةً بالتوافق واخرى بالوصية وثالثة بالشورى المحصورة ورابعة بإختيار الثوار والجماهير المنتفضة وخامسة تحويلها الى كرة يتلاقفها الصبيان ومُلك عضوض ..!!

دستور نظام الغدير هو القرآن الذي نزل على قلب الرسول ص واله ، ذلك القرآن الذي له قراءة واحدة وترتيب واحد ولا يقبل الشك في الزيادة والنقيصة ، اما دستور السقيفة هو ما حفظته صدور الرجال من قرآن النبي ، وقرائته تقبل القسمة الى عشرة اشكال واكثر ..

هكذا ينبغي ان ننظر الى الحدثين ، ولا يتوهم احد بأن السقيفة استبدلت علي عليه السلام بأبي بكر ، ابداً ، منصب الغدير يختلف تماماً عن منصب السقيفة ، ولهذا نرى ان الإمام علي عليه السلام رفض منصب السقيفة عندما قال له عبد الرحمن بن عوف بعد مقتل عمر بن الخطاب أبايعك بشرط ان تسير على سيرة الشيخين .. أراده ان يكون خليفةً تحت وصاية السقيفة ، واما عندما آلت الأمور لعلي عليه السلام وبدأ يدير الأمور وفقاً لنظام الغدير .. انفجرت الامور من الداخل وقامت قيامة القوم وانشغل عليه السلام في حرب الناكثين والقاسطين والمارقين حتى أراق آخر قطرة دم له في الإسلام وهو في محراب الكوفة ..

كانت خلافة الأمير وفقاً لنظام الغدير ثقيلة على القوم ، لأن فيها يكون القوي والضعيف والغني والفقير والشريف في قومه والمتواضع وسادة القوم وعامتهم كلهم في منزلة واحدة امام القانون ..

لو استخلف علي عليه السلام وفقاً لنظام السقيفة لامضى إمرة معاوية على الشام ولقبل بأنصاف الحلول ، ولكن ذلك ما يأباه نظام الغدير ..

ولقد أختصرت سيدة النساء الزهراء عليها السلام كل ذلك في خطبتها حينما قالت { انى زحزحوها عن رواسي الرسالة ، وقواعد النبوة والدلالة ، ومَهبط الروح الأمين ، والطبين بأُمور الدنيا والدين ، الا ذلك هو الخسران المبين ، وما الذي نقموا من أبي الحسن ، نقموا منه - والله - نكير سيفه ، وقلَّة مبالاته بحتفه ، وشدّة وطأته ونكال وقعته ، وتنمّره في ذات الله عز وجل ، والله لو تكافّوا عن زمام نَبَذَه رسول الله إليه لاعتلقه ، ولَسارَ بهم سيراً سُجُحاً ، لا يكلم خشاشُه ، ولا يتعتع راكبه ، ولأوردهم منهلاً نميراً، صافياً روّياً، فضفاضاً تطفح ضفّتاه ، ولا يترنق جانباه ، ولأصدرهم بِطاناً ، ونصح لهم سرّاً وإعلانا ، ولم يكن يحلى من الغنى بطائل ، ولا يحظى من الدنيا بنائل ، غير ريِّ الناهل ، وشبعة الكافل ، ولَبَانَ لهم الزاهد من الراغب ، والصادق من الكاذب (ولو أنَّ أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذّبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون ) } .

#غديركم_مبارك
#عيد_الولاية




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=147069
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 08 / 08
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15