• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : عندما يكون التاريخ ظالما .
                          • الكاتب : حسين الربيعاوي .

عندما يكون التاريخ ظالما

عند قراءة سيرة العظماء نجد الظلم يلاحقهم في مماتهم قبل حياتهم!

فهذا مسلم بن عقيل عانى ظُلامات التاريخ اسوَةً باهل بيته من الائمة عليهم السلام فصفحات سيرته المباركة مليئة بظُلامة المؤرخين له..ومن هولاء المؤرخين ابن الاثير والطبري وغيرهم..وبين أيدينا نص غريب يصف مسلم بن عقيل عليه السلام بالجبن والتشاؤم .وذكره الطبري و ابن الاثير بصيغ متشابهة الى حد ما .نعم مثل هذه النصوص لها بُعد مستقبلي اكثر مما هي آني....

..فقد روى الطبري قصة سفارة مسلم المعروفة في كتابه تاريخ الرسل والملوك ج3 ص279-280../ قال الطبري .(فاقبل مسلم حتى اتى المدينة.ثم استاجر دليلين من قيس فأقبلا به و ضلّا الطريق وجارا...واصابهم عطش شديد.وقال الدليلان :هذا الطريق حتى تنتهي الى الماء .وقد كادوا يموتوا عطشاً.."وفي رواية مات الدليلان عطشا"ً.

فكتب مسلم بن عقيل...مع قيس بن مسهر الصيداوي..الى الحسين....اما بعد فإني أقبلت من المدينة معي دليلان لي فَجارا عن الطريق وضلّا ،واشتد علينا العطش،فلم يلبثا حتى ماتا،واقبلنا حتى انتهينا إلى الماء ،فلم ننجُ إلا بحشاشة أنفسنا............وقد تطيرت من وجهي هذا، فإن رأيت اعفيتني منه وبعثت غيري ،والسلام).

فكتب الحسين (امّا بعد فقد خشيت ألاّ يكون حملك على الكتاب إليَّ الاستعفاء من الوجه الذي وجهتك له إلاَّ الجُبن،فامضِ لوجهك الذي وجَّهتك له ،والسلام عليك).

عند تحليل هذه الرواية ثمة رسائل يحاول المؤرخون ان يبعثوها الى المتلقي الكريم وهي بايجاز:

الرسالة الاولى الكل يعلم التطير او التشاؤم ليس من سنن الاسلام ولاثقافة اهل البيت وقد نهى رسول الله عن التطير حيث قال(لا طيرةَ في الاسلام). بل التشاؤم من سُنن وثقافة اهل الجاهلية.اذن هل يُعقل مَن يتسنن بسنن الجاهلية يكون رائداً لحركة اصلاحية؟. فالطبري وامثاله رسم صورة سفير الامام الحسين انه يؤمن بسنن الجاهلية"حاشاه عليه السلام".

اما الرسالة الاخرى فهي ان سفير الامام شخصية جبانة والشخصية التي تتصف بالجُبن تكون غير محنكة وغير مؤهلة للمساهمة بادارة ازمة بحجم حركة الامام الحسين الاصلاحية.وغير كفؤةللمهام الموكلة لها.. وحاشاه ان تكون شخصية مسلم بهذه الصفات..لان التاريخ يحكي لنا عن شخصية مسلم الفذة ومواقفها البطولية قَلَّ نظيرها... فمسلم عليه السلام:

اشترك بفتح بهنسا سنة22 هـ وهي مدينة في صعيد مصر.وعمره آنذاك 15سنة....وقال الواقدي (ان مسلم بن عقيل كان يقاتل بشجاعة وببسالة فكان امير لفرقة ومقاتلا لفرقةاخرى..).

انه كان احد قيادات الميمنة في معركة صفين مع الحسن الحسين وعبد الله بن جعفر عليهم السلام...وله عليه السلام خِطاب مع معاوية في هذه المعركة حيث قال له (مهْ دون أن أضرب راسك بالسيف.....الخ).

وانه عليه السلام ودع أمامه الحسين عند خروجه من مكة..حيث قال مسلم للامام (وانا أرجو أن أكون أنا وأنت في درجة الشهداء).

هل يُعقل مَن تصدر منه مثل هذه المواقف ان يكونَ جباناً؟...اضف الى ذلك ان الرواية فيها إساءة للامام الحسين عليه السلام لكن مراعاة للاختصار لم اشر لها...

نعم كون الرواية مضطربة هذا جانب، لكن علينا أنْ لا نغفلْ إنَّ مثل هذه الروايات كانت وراء عملية غسل أدمغة الخاصة و عامة فصارت تلك الأدمغة بيئة لينة لِدق مسمار تحقير الذات ... فالواجب يُحَتِم علينا قراءة التاريخ بتمعن حتى نرى الحاضر والمستقبل دون الوان...ولا ضباب...




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=146971
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 08 / 05
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 04 / 30