تجد بوضوح في القرآن الكريم انكار و ادانة لمن يؤيد جرائم القتل والسجن والتدمير التي يرتكبها الظالمون بغض النظر عن زمن وقوع هذا الجرائم سواء كانت في الوقت الحاضر او الماضي او حتى التي ستقع في المستقبل لأن الظلم والاجرام قبيح عند الله بل وحتى عند الانسان العاقل السوي الخلقة لذلك نجد ان الله تعالى يذكر في كتابه جرائم الطغاة الظالمين من الامم السابقة كفرعون ونمرود وغيرهما ويستنكرها ويطلب من المسلمين انكارها وبغض ولعن من يقترفها ويحذر من الركون الى امثال اولئك الظالمين ويحمّل كل من يتعاطف معهم او يؤيدهم ويخاطبه كأنه مرتكب لنفس الجريمة وحتى لا يطول الكلام نذكر نموذج لذلك في القرآن حيث خاطب الله تعالى اهل الكتاب من اليهود المتواجدين في زمن النبي (صلى الله عليه وآله ) باتهامهم انهم ارتكبوا جرائم قتل لأنبياء الله تعالى من بني يعقوب (عليهم السلام ) مع ان اليهود في زمن النبي (ص وآله) لم يدركوا اولئك الانبياء ع بل ولدوا بعدهم بقرون عدة , فقال تعالى في سورة البقرة مخاطبا اليهود في زمن النبي (ص وآله ) (وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ ... ) وقال تعالى في موضع آخر في نفس السورة (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آَمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرُونَ بِمَا وَرَاءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ .. ) فلاحظ اخي القارئ ان الله تعالى وجه تهمة قتل الانبياء الى اليهود الموجودين في زمن النبي ( ص وآله ) واستخدم صيغة ( تقتلون ) المضارعة الدالة على الحال , رغم ان اولئك اليهود لم يكونوا قد ولدوا اصلا في زمن قتل الانبياء ع المشار اليهم ! , ولكن القرآن خاطبهم معتبرا اياهم قتلة , والسبب في ذلك هو انهم أيدوا جرائم اسلافهم ممن قتلوا الانبياء ورضوا بها ولم ينكروها ولا تبرأوا منها فاعتبرهم الله تعالى شركاء في الجرائم , وهناك شواهد عدة في القرآن الكريم تؤكد هذا المعنى كما ان هناك احاديث كثيرة صحيحة عن النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله ) تؤكد ان من احب عمل قوم اشرك معهم , وبالتالي فان اي شخص يؤيد اي جريمة بعض النظر عن زمان ومكان حدوثها فهو شريك فيها في قانون الله تعالى , بل ان الملاحظ حتى للقوانين الوضعية المعمول بها عند الامم يجدها تعتبر من يؤيد الجرائم شريك فيها وتقدمه للمسائلة القانونية , فهناك في اوربا نجد ان من يؤيد النازية وجرائمها ويحمل شعاراتها يدان قانونا ويعتبر خطر على المجتمع وشريك في جرائم النازية , ومثال آخر نجد في امريكا من يؤيد هجمات الحادي عشر من ايلول سنة 2001 يعتبر خطر على المجتمع ومجرم بنظر القانون وشريك ومحرض على هكذا اجرام وتتم معاقبته ! , اذن بالنتيجة هناك اتفاق بين الشرع والعقل على ادانة القتل والظلم و ان من يتعاطف ويؤيد تلك الجرائم فهو شريك فيها , ومن هنا نحذر كل من تسول له نفسه الدفاع عن المجرمين القتلة الظالمين امثال يزيد وصدام وجلاوزته ويبرر لهم بطريقة او بأخرى بانه مسؤول امام الله تعالى يوم القيامة عن تلك الجرائم وسوف يحمل ذنوب قتل ملايين الابرياء الذين قتلهم اولئك الجلاوزة و سوف يسأله الله عن كل قطرة دمع نزلت من عين يتيم و كل صرخة وانين من ارملة او اب او ام فقدوا احبتهم , وسوف يسأله الله عن كل جريمة فساد او فسوق ارتكبها اولئك الظالمين , وعن كل مال صرفوه في ملذاتهم وفجورهم , من مستعد ان يتحمل كل هذه الجرائم ؟ , من هو على استعداد ان يتحمل ذنب دفن الآف الابرياء ومنهم نساء واطفال في مقابر جماعية ؟ من مستعد ان يتحمل مسؤولية قتل خمسة الاف مواطن في بضع دقائق من خلال قصفهم بالكيماوي ؟ من مستعد ان يتحمل ذنب جريمة قصف مراقد اهل البيت عليهم السلام بالمدفعية ؟ من مستعد ان يتحمل ذنب اعدام العلماء ؟ وووالخ من الجرائم البشعة التي يرتكبها الظالمين على مر التاريخ امثال فرعون ونمرود و يزيد وصدام وغيرهم لعنهم الله .
ملاحظة هامة : ربما بعض الناس يحاول تبرير تأييده لجرائم ظالم معين مثل الطاغية صدام بوجود مسؤول فاسد او فاشل جاء بعد او قبله او سيأتي في المستقبل , كما يحصل في العراق وعلى وسائل التواصل , الجواب ان جريمة زيد من الناس لا تبرر تأييد جريمة عمرو , بل كلاهما جريمة مدانة , مثلا لا يستطيع احد ان يبرر جرائم نمرود او جريمة قتل احد ابني آدم ع لأخيه بحجة ان فرعون الذي جاء بعدهما ارتكب جريمة يعتبرها الشخص اعظم من الجرائم الماضية ! , الجريمة جريمة والمجرم مجرم مهما كان زمن ارتكابه لجريمته وفي اي مكان ارتكبها ولا يقلل من اجرامه مجيء مجرم بعده . وسوف يتبرأ اولئك الظلمة ممن أيدهم وبرر جرائمهم واتبعهم يوم القيامة كما اكد الله تعالى في كتابه الكريم (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ ) وحينها لن ينفعهم احد لا الظالم الذي أيدوه ولا من حرضهم ولا من استعملهم ادوات لتنفيذ مشاريعه السياسية ولا اي احد , الكل يتبرأ منهم , واذا كان جزاء من قتل مؤمنا واحدا هو الخلود في جهنم كما قال الله تعالى (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ) فما بالك بمن يقتل ملايين الأبرياء ؟!
...
نعوذ بالله من الضلال وسوء العاقبة .
|