تكلمت في مناسبة سابقة عن طب العرافات والعرافين و سأحوال أن أُسلط عليه الضوء مجددا لمن لم يسعه الإطلاع عليه لما له من أهمية لمعرفة الجيل الرابع من الخدمة الطبية !! : طب العرافين والعرافات هو ممارسات لها جمهور واسع تتمثل بممارسات ليست لها وجود بدساتير الأدوية المقررة عالمياُ كون وضعها في الدساتير سيضيع فيه حقوق الأمتياز وحقوق الملكية الفكرية وبراءات الإختراع حسب تصورهم !!! .. واستعرض بعض وليس كل هذه الممارسات ولنبدأ بالسگوة لمعالجة إسهال الاطفال وما تسببه من مضاعفات تصل الى الوفاة أحياناً وكذلك استعمالهم للخرزة لمعالجة أبو صفار وما تسببه من اتكال و اهمال يؤدي الى زيادة اليرقان عند حديثي الولادة وحدوث شلل الدماغ للناجين منهم أما ما يسمى (الگطع ) والذي يعتقدون انه اثبت جدارته في عدد من حالات العقم لدى النساء متفوقاً على عقار الكلوميد احيانا على ما يصفون !! وكذلك الگطع نفسه علاجاً لعرق النسا لكلا الجنسين وكذلك يستعملون الكي للتايفوئيد الذي يعتقدون بفاعليته العلاجية كاعتقاد الأطباء بفاعلية الجيل الثالث من السيفالوسبورينز ( cefalosoprins ) !!...
ممارسات لها جمهور واسع أكاد أن اقول يفوق في العدد مشجعي نادي برشلونة أو ريال مدريد إن صحت المقارنة ومن أسباب أزدياد جمهوره بساطة بعض الناس وتصديقهم لكل ما يقال لهم وعدم اعتمادهم على المصادر العلمية والمواقع الرصينة لسبب أو ٱخر أو بسبب توارثهم لمفاهيم لم ينزل بها قرٱن أو سنة و يعتقد هذا الجمهور أن شفاء داء السكر النوع الأول والثاني شفاءاً نهائياً ممكنناً بالأعشاب وغيرها يساعدهم في ذلك ادعاء بعض العشابين لذلك و يؤكدون أن الجمهور المخدوع يمتد الى بعض مواطني دول الخليج أيضاً ... ممارسات كانت ولا زالت منتشرة بكثرة لا يحتاج ممارسوها لشهادة تسجيل ولا المستمسكات الاربعة ولا شهادة مزاولة مهنة ولا هم يحزنون و ربما ممارسي هذه المهنة غير مشمولين بتفتيش النقابات أوغيرها من الجهات الرقابية على الغالب وكما نراه جلياً ..لا موظفي الضريبة تلاحقهم ولا جباية الأمانة تقف عند أبوابهم فمهنتهم غير مدرجة في قوانين الجباية ولا في قوانين الضريبة ( فلا ضريبة الا بقانون !! ) ..مهنة ليست بمهنة كونها ليست مدرجة في قواميس المهن وغير مدرجة في قوانين المحضورات وكل غير محضور مباح !! ووصفها بالدجل أو غير ذلك ما هو الا اجتهاد من البعض لا تأخذ به السلطات التنفيذية ربما لعدم وجود نص يحضرها بالإسم لا بالتأويل !! وأيضا ًمهنة العرافات والعرافين ربما لم يسلط الإعلام ومواقع التواصل عليها الضوء بما فيه الكفاية عكس تسليطهم الأضواء على مستوى الخدمات الصحية و الأخطاء الطبية مما جعل بعض الناس يفضلون طب العرافين و العرافات وأصبح هذا الطب مستفيد عرضي من تسليط الأضواء على منافسيهم فصارت له قنوات تدر أرباحاً على هؤلاء العرافين و القنوات ولاقت مسألة علاج بعض الأمراض النفسية رواجاً كبيراً فالمعالجين من هذا الجيل (والذي سميته الجيل الثالث ) قوائم الحجز لديهم قد تمتد لأسابيع او لأشهر عديدة شأنهم في ذلك شأن حجوزات العمالقة من الأطباء في العالم فضلاً عن ذلك فان المهنة غير خاضعة لتسعيرة رسمية على الاطلاق !!! ولا إعتراض من أحد على ذلك علماُ أن أسعار الخدمة تصل الى أرقام خيالية تفوق أسعار العمليات فوق الكبرى دون أن يصفهم أحد بالجشع وإنعدام الإنسانية كون هذه المصطلحات يحلو للبعض ان يقتصر أستعمالها حصرا على بعض الأطباء دون غيرهم و البعض الٱخر يطلقها على الأطباء عموماً حتى من المغلوب عليهم منهم ... الأدهى في هذه الممارسات إن المردودات السيئة لهذه الخدمة لا تنعكس سلباً على هذه الخدمة كون الكثير عندما تحصل لديهم مضاعفات من هذه الخدمة يلقون اللوم على الأطباء ويقولون لماذا الصحة تسمح لهم بممارسة هذه المهنة و إذا كنتم تعرفون أنها مضرة بالصحة لماذا لا تمنعوها!!!!..؟؟؟ يقولون كلامهم هذا وعند شفائهم على يد الأطباء يقولون للناس ... لم أشفَ إلا على يد العراف أو العشاب الفلاني بعد أن عجز الاطباء عن شفائي !!!!!ولا يخفى أن دور الأعلام الطبي كان ضعيفاً لمواجهة هذه الممارسات الدخيلة على الطب.
هذا عن طب العرافين والعرافات ( طب الجيل الثالث كما سميناه ).. ونظراً لعجز هذا الطب أو لعدم إلمام المعالجين والعشابين عن معالجة كورونا وإعتذارهم عن معالجته يصاحبه تشوش فكر الناس نتيجة تضارب الآراء والابحاث العلمية بشأن كورونا ومحاولة البعض من الدول والرؤساء ادارة الأزمة سياسياً لكسب تاييدات جماهيرية أو مصالح انتخابية و سياسية توسعت مظاهرها لكتابة الوصفات الطبية إلى جمهور الناخبين في بعض البلدان !!على أي حال فقد أنتقل جمهور الجيل الثالث (جمهور طب العرافين والعرافات) إلى الجيل الرابع من الطب والذي تّٓصدر المشهد والمعالجة واحتل موقع العرافين من قبل البعض القليل من المحسوبين على المهنة الطبية أو من حشر نفسه فيها حشراً ممن لديهم بعض المؤهلات الأكاديمية القريبة من المهنة و لكن لديهم مؤهلات عالية لإزاحة العرافين عن الصدارة فأخذوا يدّعون أن لديهم ترياقاً عجيباً لا يريدون أن يفصحوا عنه لمعالجة مرض كورونا وأن أطباء العالم على خطأ ووزارات الصحة في العالم كلها على خطأ وأن نسبة الشفاء لديهم 100 بالمئة وأنه لا حاجة لبروتوكولات علاجية وإلى الماسكات و لا لعزل اجتماعي للوقاية والعلاج من المرض وأن الجامعات العلمية والمراكز التخصصية لم تراجع دكاكينهم للاستفادة منهم وانهم لا يتقدمون بطلب للحصول على شهادة علمية و فنية ببراءات اختراعهم إلى أي جهة أو مؤسسة علمية رصينة في العالم كون دائرة براءة الأختراع يتوجب عليها الحط في رحالهم (ومن يريدنا فليأتي إلينا!!! ) فأصبح لديهم جمهور هو جمهور الجيل الثالث نفسه الذي أقتنع ببراءة هذه الاختراعات وجربه علماً يصعب في أحيان كثيرة اقناع هذا الجيل بخطأ هذه الممارسات وخطورتها وربما يتوجب على المعنيين بمعالجة هذا الأمر أحياناً الإستعانة بقيادات الجيل الثالث من العرافين لأقناع هذا الجمهور بظلالة قيادات الجيل الرابع الجديدة
|