• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : في حضرة السيستاني قبل عشرين عاما .
                          • الكاتب : عبد الناصر السهلاني .

في حضرة السيستاني قبل عشرين عاما

عندما كنت في المرحلة الثانية من دراستي الجامعية في عام 2000 ميلادي وقبل حلول موعد الامتحانات النهائية ذهبت من بيتنا في بغداد الى النجف الاشرف في زيارة لامير المؤمنين عليه السلام، وبعد التشرف بالزيارة ذهبت الى براني سيدنا المرجع الاعلى السيد السيستاني حفظه الله تعالى، للتشرف بالسلام عليه وتقبيل يده الشريفة، واستثمرت الفرصة بعد السلام لطلب الدعاء منه بخصوص النجاح في الامتحانات المقبلة، وذكرت الامتحانات باللفظ امامه اثناء طلبي للدعاء، حيث كانت الظروف في ذلك الوقت تسمح بالتحدث مع السيد.

الامر الملفت الذي حدث هو عند سماعه طلبي، بان في وجهه المبارك بعض التغير وطلب مني الجلوس وتكلم معي بهذا الكلام الذي انقله بالمعنى احتياطا والا فهو قريب من نص ماتكلم به حفظه الله تعالى:

قال: (النجاح في الامتحانات يجب فيه سلوك الطريق الطبيعي من القراءة والجد والاجتهاد والمثابرة ثم يأتي الدعاء ليسدد هذه الجهود ويوفق صاحبها للنجاح، والا فان الله تعالى لا يستجيب لخامل كسول لا يحرك ساكناً ثم يريد نجاحاً، انا غادرت اهلي وعشيرتي ومدينتي من اجل طلب العلم، فعندما قدمت الى النجف الاشرف، لم اكن اشغل وقتي بغير الدراسة وطلب العلم فلا اطالع جريدة ولا استمع الى الراديو ولا اصرف وقتي في المناسبات الاجتماعية، وهذا الذي تعلمناه وكان عليه علماؤنا واساتذتنا السيد اليزدي والسيد الحكيم والسيد الخوئي، فالحصول على النجاح لابد فيه من التعب والجهد مقدمة لذلك النجاح، ومع ذلك ادعو لك).

ثم رفع يديه امامي وتمتم بكلمات الدعاء ثم قبّلت يده مرة اخرى وخرجت مسرورا من حديثه المبارك وانا استعيد بذاكرتي هذه الدقائق القصيرة في حضرته والفاظه بصوته الذي بدا منفعلا في بدء الحديث ثم اخذ بالهدوء شيئا فشيئا، وذلك للفت انتباهي لاهمية الحديث فاستشعرت اهتمامة وابوته ونصيحته التي لا يبخل بها لكل احد والا كان بامكان السيد ان يدعو مباشرة وينتهي الامر، ولا يتعب نفسه بشيء من الانفعال، خصوصا ان هناك بعض المؤمنين ينتظرون ذهابي كي يتقدموا بدورهم للسلام عليه، الا ان اهتمامه بزرع ثقافة عدم الاتكال بدون عمل في اوساط الشباب والطلبة من امثالي حينها دعاه لهذا التوضيح.

واليوم نهجه لا زال هو هو في زمن الوباء، فانه يوصي دائما بالوقاية واتباع ارشادات المختصين حتى اذا كانت توجب ترك المستحبات الدينية، والدعاء يأتي بعد العمل للتسديد والتوفيق، فلا يمكن ان يلقي الانسان بنفسه في الهلاك عن عمد وعدم مبالاة ثم يريد النجاة بالدعاء مع بقاء اصراره على الاتكال دون عمل .

حفظ الله تعالى المرجع المفدى من كل سوء ومتعنا بطول بقائه.

 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=145078
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 06 / 06
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15