بين ظلمات دهاليز السنين ..جلس القرطاس يندب ٱهات يوم فجّر الكون أنين ...أتذكر أيها القرطاس ماجرى له في مجاس الطاغية إبن زياد: وهاهو الزنيم يستنطقه من أنت ؟!
تأوه القلم ونادى بصوت الجراح :
إنها حقا تجليات العناية الإلهيه التي حفظت لنا مولانا زين العابدين (عليه السلام) من أيدي المنية ..
لقد كانت حوارية بين غذي البيت الطاهر ، وبين ركاكة العقل ومنتهى الغلظة والفسوق ...
ولقد صان رسالة أبيه وحملها بين أضلاعه كما كان يحمل قلباً توأماً لقلب أبيه الذي شقه السهم نصفين ..وبالرغم من كل النوائب ضحى ليربح الإسلام مجده ...وبدأ ضباب الضلام ينقشع وبالرغم من كل الأعاصير التي كانت تحوطه وتحاول أن تثني عنفوانه ..مضى بقدم ثابت مع عمته زينب ( عليها السلام) في طريق الحق الذي لا يتزحزح ..
سأكتب أيها القرطاس حقيقة الألم الذي نطقت به الجامعة وهي تستغيث برقبة العز والشمم ..وتحز منحر الدين لتنال من زين العابدين ( عليه السلام)..ولكن هيهات أن ينالوا من سنام المجد رداءه ..وتلك الكلمات وبحروفها الدامية ألتي نطقت بها شفاه العليل ..
((ماضنك برسول الله لو رٱنا على هذه الحال؟!
(الاحتجاج للطبرسي. ٢٤،٢٥)
هنا كان للضجيج صدى حتى جدران القصر وأعوادها نشجت نشيج المتأوهين ..
وزاد دمع الحنين ..وعلا شجون القرطاس وصار يلوي أطرافه ليبين مشاهد الأحزان ..
وهناك كانت التفانة من القرطاس إلى العصا ألتي تتكأ على أحزانها وتلبس السكون جلباباً لمرارتها ..
تحدثي أيتها العصا مابالك وقد وجمت أوصالك ماذا تقولين :
أراكِ في السر تندبين ..
أجاب العصا : ماذا أقول وقد تأججت نيران أعوادي ليتني أحترق بنار فراق سيدي ولا يبقى ليّ من أثر ..
وأختنق صوت العصا بدخان تلك الخيام ..وتجرع الحسرات لمنظر الأيتام ..
في ذلك اليوم الذي قد خط بالقلم ..لم يكن لي خيار سوى أن ارتمى بيد سيدي العليل حتى يتوكأ عليّ بيده...وبالأخرى أراد أن يحمل السيف ليدافع عن الدين والعقيدة ضد الطاغوت ...ومنذ ذلك اليوم كنت لا أفارقه ..لقد إنحنى ..يوم إنحنى ظهر سيد الشهداء (عليه السلام) بعد رجوعه من نهر العلقمي ..فهو في ركوع دائم ...
ثم سكتت العصا ونادت اتركوني أنعى سيدي وأحرق مابقيّ مني بجمرة الحسرة ..
إستكمل القرطاس الحديث ...وهل كتبت كل ماقيل أيها القلم ؟؟
أجاب والكلمات تميل وتميل تريد أن تصل نهاية القرطاس لتهدأ نبضات قلب القلم .....
تحدث القرطاس لا يا أيها القلم إنتظر لاتلملم أطراف الحديث ودعنا نسأل تلك القراطيس التي تتكأ على بعضها وأراهن مكلومات وأسمع منها أهات ودموعها مداد .
التفت القرطاس الى تلك التي تنوح وبدموع العين خطت كلماتها بتناسق وإتقان ..
أجابت احداهن :
نحن قراطيس كنا نأنس بيد سيدي ومولاي علي إبن الحسين ( عليه السلام) ..فعندما كان يجن الليل كان يدأب في الكتابة ، مناجاة بعد مناجاة ..دعاء يتبعه دعاء ..وحق يتبعه حق وكنا نتألم لدموع عينيه وٱهات قلبه وشجونه ..
فتلك العبرات متكسرة في صدورنا نحتفظ بها ليقرأها المؤمنون ...والتفت القرطاس مرة أخرى فرٱى قارورة الغدر هناك تغطي وجهها بقناع اصفر ...فقال تعال ياقلم فلنسال تلك القارورة التي حوت خنجر الغدر ورمت كبد الإمام ..
تحدث أيها السم وقل مابالك وقلب مولاي ومهجته ألا يكفيك مالاقاه من سيدك الزنيم..
وقال :أيها القلم سجل مايقوله الملعون..
تلعثم السم وفاض من قارورته وصار ينزف ندم مرارته وكادت أن تخنقه ..
لقد دخل جزء مني في ذلك الجسد الطاهر ...فرأيت عالم الملكوت يسبح في قلبه الشريف .وأنوار ربي تسطع من جبينه الى مشاش قدميه ..
لم يكن يأبه بي ..ولم يكن يتألم من تفتيت قلبه وكبده ..
لقد رايت كبده وقلبه قد تصدعا من يوم عاشوراء ..يوم راى قلب السبط الطاهر وقد اخترقه ذلك السهم المثلث المسموم ...
ماذا عساي أن أقول ..وأي عذر أقدم ..لقد جنيت جناية عظمى ..
قاطعه القرطاس ..أن أسكت أيها الملعون لقد مزقت أركاني وأنا أتخيل ذلك جسده النحيل قد سكنت حركاته وسكتت أنفاسه ...وتصعد روحه الطاهرة مجللة بالقداسة والنور وترجع الى ربها راضية مرضية ..وتلتحق بأحبتها وأعزتها لتستريح من دنياكم الغرور ..
هناك إنطوى القرطاس الماً وتلوى..فكانت صفحة للأحزان روت مصيبة زين العباد ..السجاد ( عليه السلام)..
|