• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : السيد الحميري .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

السيد الحميري

وأنا غارق في أطياف عوالم الكرى أخترق أذني صوت عذب، يجلجل بأبيات الشعر الولائي الخالص.. كأنه يعزف ترنيمة تأنقت في سِفر الليل الهادئ.. تسللت أبياته إلى مسامعي اخترقت قلبي بلا استئذان اصغيت السمع:
يخطب مأمورا وفي كفه
كف علي ظاهر يلمع
رافعها اكرم بكف الذي
يرفع والكف الذي يرفع
يقول والاملاك من حوله
والله فيهم شاهد يسمع
من كنت مولاه فهذا له
مولا فلم يرضوا ولم يقنعوا

أفقت من النوم لجمال الصوت وروعة الالقاء وحسن البيان ..رأيت أمامي سيدا جليلا أسمر اللون تام القامة حين رآني أمسك عن الكلام، سألته: من أنت يرحمك الله؟ فقد أخذت أبياتك عقلي.. أجابني: أنا أسماعيل بن محمد الحميري.. ولدت في عمان سنة 105 هجرية، وأبياتي هذه كنت القيها على رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أن طلب مني ذلك!! استغربت لهذا القول : ياسيد ما هذه الفرية! كيف طلب منك الرسول صلى الله عليه واله أن تُسمعه هذه الأبيات وبينكما فارق بحدود قرن من الزمان، تكلم بشيء معقول؟ أبتسم وبدا على محيّاه الرفق والأسف على حالي وقال: إن شئت أذهب إلى كتب التاريخ واستخرج حديث فضيل بن عبد ربه عن الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام)، وحديث سهيل بن ذبيان بن فضل مع الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) الذي رأى جده النبي الأكرم صلى الله عليه وآله في عالم الرؤيا وأنا بين يديه أنشد هذه القصيدة، ليس هذا فحسب، بل طلب منه السلام عليّ واصفا أياي بشاعرنا ومادحنا في دار الدنيا السيد اسماعيل الحميري وقال لي عد إلي ماكنا فيه من إنشاد القصيدة :- عجيب هذا أيها السيد ماهي قصتك لتصل إلى هذه المنزلة العظيمة؟ :- أعلم أيها السائل أني وُلدت لأبوين على المذهب المخالف يبغضان أمير المؤمنين بغضا شديدا.. ولكن غاصت عليّ الرحمة غوصا.. وعرفت الحق واتبعته ..كنت وانا صبي أسمع ابواي يثلبان أمير المؤمنين (عليه السلام) فاخرج عنهما وأبقى جائعا وأؤثر ذلك على الرجوع إليهما، فأبيت في المساجد جائعا.. كانت أمي تؤنبني وتعذلني وهذا يؤذيني فقلت فيها:
وكم من شفيق لامني في هواهم
وعاذلة هبت بليل تؤنب
تقول ولم تقصد وتعتب ضلة
آفة أخلاق النساء التعتب
فقلت دعيني لن احبر مدحة
لغيرهم ما حج لله اركب
اتنهيني عن حب آل محمد
وحبهم مما به اتقرب
وحبهم مثل الصلاة وانهم
على الناسِ من بعدِ الصلاةِ لأوجبُ
وقد تماديا في سب أمير المؤمنين عليه السلام بشكل لا يُطاق لدرجة أنني لم أستطع العيش معهما وأرسلت إلى أبي أبياتا جاء فيها:
خف يا محمد فالق الاصباح
وأزل فساد الدين بالإصلاح
أتسب صنو محمد ووصيه
ترجو بذاك الفوز في الإنجاح
أغويت أمي وهي جد ضعيفة
فجرت بقاع الغي جري جماح
بعد وصول هذه الابيات اليهما هدداني بالقتل فاستجرت بجاري عقبة بن مسلم فأجارني.. ثم جرت عليّ احداث كثيرة وكنت أٌقول بالغلو واعتقد غيبة محمد بن علي الملقب بابن الحنفية، قد ضللت في ذلك زمانا، فمن الله عليّ بالإمام الصادق جعفر بن محمد (عليه السلام) أنقذني من النار وهداني إلى سواء الصراط وقلت في ذلك: صــح قـولي بـالإمامة ... وتـعـجـلـت الــسـلامـة
وأزال الله عــــــنـــــي ... إذ تـجـعفرت الـمـلامة
قـلـت مـن بـعد حـسين ... بــعـلـي ذي الــعـلامـة
أصبح السجاد للإسلام ... والــــديـــن دعـــامـــه
قـــد أرانــي الله أمــرا ... اســــــأل الله تــمــامـه
كـــي ألاقـيـه بــه فــي ... وقــت أهــوال الـقيامة
أكثرت من الشعر وأجدته بشهادة الكثير من الشعراء... واكثرت من قصائدي الولائية في حب النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام والائمة الاطهار. أختفى فجأة من أمامي وظللت اطفق ابحث عن مكان دخوله عليّ فلم أجد منفذا مفتوحا يمكنه اختراقه ليدخل... فعلمت انها اطياف ورؤى ساقتها إليّ مكامن الولاء ومنابع النقاء الروحانية التي تأبى إلا أن تطرق أبواب الكرى في عيني.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=144666
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 05 / 20
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15