يعتبر الثالث من أيار من كل عام اليوم العالمي للصحافة، أو عيد لها، وفي الواقع ان لا حرية للصحافة فإيان ما توجه قلمك هناك من يكسره لك!
ونحن هنا في الدول العربية لا نخشى كسر القلم، وإنما نخشى كسر الرقبة!
فالكلمة الصادقة أصبحت تهمة جاهزة ومقننة تكاد تنهي قائلها، فما يدعى بالقانون ليس بقانوناً، خاصة بعدما كتب من قبل أناس جل مصلحتهم الدنيا.
قبل أيام صرح أحد الكتاب الإنجليز ديفد ايك David Icke بكلام قد يرضي العقل، وتسائل الرجل عن ماهية الاشياء في حسابه في موقع يوتيوب، فسرعان ما تم حذف حسابه ومُسح كل محتوى يحمل اسمه في محرك البحث جوجل!
من حذف هذا، ولماذا؟ أسئلة تحتاج إلى تحقيق في الإجابة، استفسارات تحتاج إلى صحافة شجاعة تبحث عما يحدث.
هذه استفسارات ممنوعة. وقد تكون محرمة، كما يرى البعض منهم.
وقد حدث هذا فعلا، في ديننا الحنيف، حين سأل أحد الشباب رجل دين مسلم سؤال يدور في ذهنه فكفره رجل الدين امام جمع من الناس!
أيضا شخص نصراني اخر، سأل أحد القساوسة عن سبب تقارب محتويات الأديان فتم طرد السائل من الكنيسة.
إذن، السؤال محرم، وحرية الاستفسارات معدومة. وهناك أناس هم من يبيحوا الاستفسارات من دون اخرى. وقد خُصصت لحرية الاستفسارات او حرية الكلام مؤخرا مناص عالمية يمكننا من خلالها طرح اسئلتنا بحرية ما تدعي كوكل، يوتيوب، توتر، فيسبوك، الخ.. لكننا فوجئنا بأنها وضعت لتكتيفنا لا لتحرير ارائنا.
فخذ تجربة مثلا، وحاول أن تتسائل من خلال حسابك في فيسبوك وضع صورة لتأريخ حقيقي معين قد لا تروق لسياسة دولة ما، ستجد أن هناك من يحذف ما نشرت!
فحرية الكلام محدودة جدا، وموضوعة في إطار واحد، وضمن منهج معين الا وهو تظليل الحقيقة. لكن تبقى الحقيقة كالشمس تتوارى خلف الغيوم لكنها سرعان ما تبزغ.
العالم الان أصبح أخطر في ظل وجود منصات مخصصة للكلام، خاصة وأن هذه المنصات تدار من قبل أشخاص أو شركات تعمل لصالح أجندة ودول معينة، الكلمة الحقة لا تحتاج لمنصة، بقدر ما تحتاج لشيء من العفة، والعفة لا نجدها إلى تحت رداء اسود.
في الدول العربية حيث تكثر الرداءات السود، وتنمو العفة التي ورثناها من تاريخنا لا تزال الحقيقة مغيبة تماما، ولا تبرح الكلمة الحقة محرمة، والصحافة مغتصبة.
فبعد أن خطت فرشاة ناجي العلي ملامح حنظلة، خُط له حدادا في فلسطين. وبعد أن نطق فرج فودة في مصر كلمة أُسكتَ لسانه إلى الأبد. اما مولود فرعون فهو العربي الاخر الذي اغتيل على يد ما يسمى حرية الكلمة في الجزائر، وجمال حمدان حُرِق لما حاول أن يكتب للجيل القادم شيء من تاريخ إساءة الحاضر. ثم غسان كنفاني راح ضحية لجمال ادبه المكلل بالحق في سورية.
اما في العراق، فلا تزال الحقيقة شامخة لا تخيم عليها غيمة، ولا تضمها ضامة، وحرية الكلام متاحة للجميع، خاصة للصحفيبن الذين يحاولون قولها، علما ان قانون دولة العراق الذي تمت إعادة صياغته بعد ٢٠٠٣ صاغ فقرة تكفل حرية الكلام والتعبير وأخرى تحاسب على التشهير، غير أن الصحافة دون تشهير تعني سُباتها. وواجب الكلمة الحقة تعمل على تشهير المخفي او اشهار واظهار ما يخفى وراء الحقيقة.
هكذا في العراق حرية الصحافة تشبه تقديم طبق من الطيبات لشخص مكتوب الايدي.
وأيضا يحدث في العراق ان يُكافأ الصحفي الحر بجائزة تفوق ما يكافأ به زملائه في الدول العربية. حيث تشتري الأحزاب كلمات الاحرار ثم تذبح قائليها!
اي حرية هذه إذن التي تحتفل بها الصحافة؟!
واي حقارة تلك التي أودت بالكلمة الصادقة إلى قبر جاهز؟!
وخير دليل على كل ذلك، هي ان صحافة العراق التي هي الأخرى واحدة من أهم اخواتها العربية، يديرها الفقير في عالم الحقيقة مؤيد اللامي، ذاك الذي لم يكفيه تكتيف الصحافة العراقية فذهب بامواله التي هبها اليه أحد قادة العراق وكبار الفاسدين ليرشي بها الصحافة العربية ويتربع على كرسي رئاسة اتحاد الصحافة العربية.
فالنحتفل بيوم عيد حريتنا إذن..
|