• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع :  النفط والتاريخ واشياء اخرى .
                          • الكاتب : علي الفاطمي .

 النفط والتاريخ واشياء اخرى

 ان من يقرأ القران حتى وان لم يكن مؤمنً بآياته يعلم ان كثيراً منها هي قصص واخبار الماضين حتى ان بعض المستشرقين ممن حاولوا نقد هذا الكتاب العظيم قال انه كتاب قصص واساطير من الماضي وهذا ينم عن جهل مطبق ولست هنا في مقام الرد على هذا الادعاء ولكن مايهمني هو لماذا هذا الاصرار من القرأن الكريم على ذكر اخبار الاقوام والامم السابقة ؟ ونجيب ببساطة لكي نستفيد من اخبار الماضي في فهم الحاضر ، فمن يطالع احوال اليهود مع انبيائهم يعلم لماذا اقاموا كيانهم الغاصب والمسمى بدويلة اسرائيل ، 

بعد هذه المقدمة اتمنى على الاعزة وبعد ان عرفوا القيمة العظيمة لمطالعة التاريخ ليساعدنا في فهم ما يدور حولنا ان يقرأوا عن (سيلفادور الليندي) و (عمر توريخوس) و ( محمد مصدق) وهؤلاء نماذج اخترتهم على سبيل المثال لا الحصر ومراعاةً للاختصار والا الامثلة كثيرة ، هؤلاء يا احبتي رؤساء دول اطاحت بهم المخابرات الامريكية (سي اي ايه) فقط لانهم وقفوا بوجه الشركات الامريكية ، الاول سيلفادور الليندي وهو رئيس منتخب لدولة تشيلي اطيح به في انقلاب عسكري ادى الى مقتله او انتحاره كما يقال في عام ١٩٧٣ بعد ثلاث سنوات من حكمه حيث قام بتبني سياسة تأميم الصناعات والاتجاه الى الفلاحة المشتركة وهو ما يشكل خطراً على الشركات الامريكية ، وفيما بعد كشفت الوثائق السرية التي نشرها الامريكيون منتصف التسعينيات انهم قاموا بدعم المظاهرات والاعتصامات ضد اللندي ومن ثم تدبير الانقلاب الذي راح ضحيته الالاف من المواطنين بين قتيل ومسجون ومفقود ،
اما عمر توريخوس وهو رئيس بنما وهي دولة تقع في القارة اللاتينية وفي الماضي كانت جزءاً من كولمبيا الا انها اقتطعت واصبحت دولة بمساعدة الامريكان والسبب انها تقع في مكان استراتيجي يسمى بقناة بنما والتي تربط المحيط الهادى بالاطلسي والبحر الكاريبي وقد وضع الامريكان يدهم عليها منذ العام ١٩٢١ وقد حاول توريخوس ان يعيد حق ادارة القناة للبنميين ليستفادوا هم من عائداتها وللقضاء على معدلات الفقر في البلاد واتبع سياسة عدم المواجهة مع الامريكان ونجح بذلك بعد ان وقع معاهدة مع الرئيس كارتر عام ١٩٧٩ ولانه والكلام للامريكان اي توريخوس لم يكن فاسداً ولا قابل للأفساد فقد فجروا طائرته عام ١٩٨١ حتى لا يكون نموذجاً يقلده الاخرون في تعاملهم مع الادارة الامريكية ، اما الدكتور محمد مصدق الذي وصل الى رئاسة الوزراء مطلع الخمسينيات في ايران وبمساعدةً من اية الله الكاشاني فقد ازيح بأنقلابً بدأ على شكل احتجاجات شعبية قاده مجموعة من الاوباش وعملاء السفارة الامريكية وبينما كان الشاه خارج البلاد قام الجنرال زاهدي وبتخطيط من المخابرات الامريكية والبريطانية بتنفيذ الانقلاب والاطاحة بمصدق ، فقط لانه قام وبمساعدة القوى الوطنية والدينية بأقرار قانون تأميم صناعة النفط الايراني وهذا طبعاً خلاف ما تريده الشركات الامريكية ، وفي العراق من ينظر الى انقلاب شباط عام ١٩٦٣ والذي نفذه البعثيون والقوميون ضد الزعيم عبدالكريم قاسم وبمساعدة وتخطيط من المخابرات الامريكية والمصرية حتى ان علي صالح السعدي امين سر البعث انذاك قال انهم جاؤا بقطار امريكي ، اما لماذا هذا الانقلاب فبسبب اصدار قاسم لقرار تأميم النفط العراقي ،
اما الاعظم من هذا هي قصة الرئيس جاكوبو اربينز رئيس غواتيمالا والذي جاء بأنتخابات ديمقراطية واطاح به الامريكان بأنقلاب والسبب انه رفض احتكار الموز من قبل شركة يونايتد فورت كو الامريكية ، نعم بسبب الموز وليس النفط
 انا لا اريد ان ازكي من ذكرت ولا اقول انهم وطنيون خلص ولم يكونوا دكتاتوريين ولم يقوموا بأنقلابات دموية لا ولكن احببت ان اشير الى تطابق الموضوع ووحدته وخلاصته ان اي رئيس او قائد يقوم بالتعرض الى مصالح الشركات الامريكية ستقوم المخابرات بالاطاحة به سواء بأيديهم او بأيدي ابناء جلدته ومهما كلف هذا الامر من دمار ودماء من ابناء هذا الوطن ، وبعد ان تعرفنا على احداث من الماضي القريب اعتقد انها ستساعدنا في فهم ما يجري اليوم واذا ما شكلنا القطع المتناثره مع بعضها ستتضح الصورة كلياً ، اليوم في العراق خرجت مظاهرات ولازالت (الا ان حدتها خفت كثيراً) مطالبةً بالاصلاح والقضاء على الفساد ووصل الامر الى المطالبة بأسقاط النظام والعملية السياسية برمتها ، وهنا سأثير تسألات لنفهم من خلال الاجابة عليها ما حدث وما يحدث
سؤال لماذا خرجت هذه المظاهرات الان ولماذا لم تخرج في حكومة المالكي او العبادي او حتى في زمن الاحتلال ؟
سؤالٌ اخر من حدد ساعة الصفر لانطلاق التظاهرات ؟
والسؤال الاهم من هم قيادات هذه التظاهرات ولماذا لا تحدد مطالبهم ؟
لو تأملنا قليلاً في الشعارات والمطالب والاحداث التي رافقت مسيرة هذه التظاهرات سنجيب عن كل هذه الاسئلة ، وأليك عزيزي القارئ نموذجاً منها (المطعم التركي وما وجد فيه من اشياء يخجل القلم عن كتابتها) (رفع شعارات واهازيج تمجد بالبعث المقبور وازلامه)(فرق مكافحة الدوام والافعال المشينة التي مارسوها) (حوادث الاعتداء على مقرات بعض الاحزاب ومقتل حراسها وليس العلياوي وسام ببعيد) (رفع شعارات معادية لدولة دون غيرها وشعارات السب والقذف بحق ابطال حشدنا الشعبي وانكار دوره العظيم في الحفاظ على وجود الوطن الذي يطالبون به) (التعرض الى المقدسات والشعائر والنيل من الرموز المقدسة) (الاتهامات الموجهة للمرجعية الدينية وللحوزة العلمية ومحاولة تسقيط العمامة الشيعية حتى انهم رفعوا لافتات كتب عليها نريد وطن بلا مراجع) (الممارسات الااخلاقية التي تحاول تهديم القيم للمجتمع العراقي المحافظ) (حادثة اعدام الطفل البريء شهيد الشرف السيد هيثم البطاط) (تحول ساحات الاعتصام الى بؤر واوكار لعصابات الجريمة ومروجي المخدرات) ناهيك عن عناصر بعض الاحزاب الفاسدة التي زج بهم في محاولة بائسة لاسترضاء الجمهور وركوب الموجة ، طبعاً مع القليل من بعض السذج والمغفلين وبعض الناقمين على الوضع المأساوي والذي خرج حقيقةً مطالباً بحقوقه الا انه ضاع بين مخالب العصابات وانياب الاحزاب وبقي رقماً لتكثير السواد لا اكثر ، اما توقيت خروج المظاهرات فقد جاء بعد ان وقع رئيس الوزراء عبدالمهدي اتفاقاً استراتيجي مع الحكومة الصينية خلاصته النفط مقابل الاعمار وتحديداً بتاريخ ٢٠١٩/٩/٢٣ وقع عبدالمهدي اتفاقه وفي ٢٠١٩/١٠/١ خرجت التظاهرات وفي ما بعد كشف سياسيون عراقيون ان ترامب اتصل ولاكثر من مرة بعبدالمهدي مهدداً بالاطاحة به من خلال مظاهرات شعبية اذا لم يلغي الاتفاق مع الصين ، المطلع على بنود الاتفاقية يعلم كم هي مفيدة للعراق وكم كانت ستقدم له من خدمات وفرص عمل وتقضي على مشاكل كثيرة اهمها الفساد المالي والاداري الذي تمارسه الوزارات لذلك تحركت السفارة ومعها ماڤيات الفساد ومليشيات الاحزاب المتضررة من هذا الاتفاق وتعلمون بقية القصة ، ولكن قبل ان انهي مقالي المطول هذا لو القينا نظرة سريعة لما حققته هذه المظاهرات ولن اقول ما تسببت بهِ 
فرئيس الجمهوية لم يستقيل ورئيس البرلمان كذلك والبرلمان لازال يتمتع بمميزاته والاحزاب والكتل تمارس هوايتها في تقسيم المغانم والمكاسب !
قد يقول البعض قانون الانتخابات وقانون المفوضية واقول فيه جدل واختلاف كبير ولا يرضي ولا يلبي الطموح وقد يقول اخرين رئيس الوزراء قدم استقالته ؟ واقول صحيح ولكن انظروا الى البديل ولن اتكلم عن الزرفي الذي طرد من منصبه محافظاً للنجف بسبب الفساد ولكن فقط لننظر الى المكلف مصطفى الكاظمي والذي جائت به الكتل نفسها ولو قارناه بعبدالمهدي الذي لن يقبل بهِ حارساً شخصياً له فضلاً عن ان يكون بديله في رئاسة الوزراء
واخيراً وفي نهاية مقالي اريد ان يضع كلٌ منا مكانه في خارطة الاحداث تلك هل كان بيدقاً بيد السفارة الامريكية ام حصاناً يجر عربة حزبً ما ، ام ناعقاً خلف قطيعً لا يعلم وجهته ، ام متعلمٌ جلس ينظر من مرتفعً يراقب ويأسف ويبكي بحرقة على وطنً يحرق بأيدي ابنائه . . . والسلام




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=143975
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 04 / 30
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16