• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : #ألازمات_فرصة .
                          • الكاتب : مصطفى جبار سند .

#ألازمات_فرصة

 عندما كنت طفل، كنت اتسأل اين تذهب النقود ؟

مدام الكل يشتري، أين يقع هذا الثقب الذي يبتلع كل هذه النقود، فعملت تجارب، بأن اوزع اوراق من صور علب الكبريت (شخاط) (ابو الثلاث نجوم وابو الشمعة وابو السفينة... الخ) وافترضت ان كل نوع هو فئة معينة من العملات، وزعتها على اخواني واقاربي وهم صغار، وبدأنا نلعب بيع وشراء بعض الأغراض مع هامش ربح، فأكتشفت أن الكل يشتري من الكل، وأن النقود تتداول بين الجميع وتدور مثل دوران الدم بالجسم، فتعطيه الحياة، وعند توقف تداولها، فأن الجسم يمرض ويموت، كذلك النزيف بدون تعويض يؤدي الى الوفاة، واكتشفت أن أهم نقطة في النشاط الاقتصاد لمجموعتنا، هو حث الجميع على الشراء وعدم اكتناز النقود، والنشاط يأتي ليس من حجم النقود، بل بسرعة تداوله بيننا .
أدت هذه اللعبة في صغري الى وجود حاجة لغطاء هذه النقود الوهمية، واعطاء شرعية لمن يمنحها اول مرة (البنگ المركزي وهو انا في اللعبة) المسؤول عن تقطيع علب الكبريت، لكن اكتشفت ايضاً ان الحكومة تحتاج الى اخذ مبالغ من المواطنين لتغطية نفقاتها وصرف رواتب لموظفيها (بإعتبار عدم وجود نفط).

لاحقاً بعد ما كبرت سألت سؤال اخر، الدولة تصرف مليارات الدولارات رواتب كل شهر للموظفين والمتقاعدين (٤ مليار دولار شهرياً) والناس يقومون بصرفها شهرياً، إذن اين تذهب النقود ، للماذا عند حدوث أزمة تختفي النقود ؟ 
النقود تذهب لعدة اتجاهات، واكثر نسبة تذهب لشراء السلع  الاستهلاكية الضرورية والكمالية ، من ٤٠ الى ٥٠ مليار دولار يتم شراءها من خارج البلد، والمتبقي من داخله، بالتالي المواطنون يسحبون الدولار من البنگ المركزي لغرض استيراد السلع بالجملة ويعطون للبنگ العملة المحلية، فهذا يعني ان العملة المحلية حالياً موزعة كالتالي ( خزائن البنك مركزي خارج التداول حوالي ٢٠ ترليون دينار، مواطنون ٣٣ ترليون دينار، رؤوس اموال حوالي ١٠ ترليون دينار، مؤسسات الدولة من مصارف وشركات رابحة حوالي ٣٠ ترليون دينار).

 ازمة كورونا ضيقت الواردات القادمة للعراق، كذلك ستضيق حدود الانفاق الحكومي، وهي فرصة للتحول للشراء من الداخل، بغض النظر عن جودة المنتج، فهذا من شأنه التقليل من الطلب على الدولار المحدود تدفقاته للبلد بسبب انخفاض اسعار النفط، بالتالي ضمان عدم ارتفاع سعر الدولار والحفاظ على خزين الدولار بالبنگ المركزي، ارتفاع الطلب على الدولار يؤدي الى ارتفاع سعره مقابل الدينار ثم يؤدي الى ارتفاع الاسعار المرتبطه به، عمليات الشراء من الداخل تساعد على تشغيل ملايين المواطنين من المرتبطين بسلسلة الانتاج المحلي، ثم تطور الصناعات المتوسطة وتحسن جودتها، ثم الوصول لمرحلة التصدير .
وانا هنا لست بصدد التثقيف للمنتج المحلي، لانها حسب رأيي حملات دعم المنتج الوطني لا تفيد بشيء، فكلاً يشتري حاجته وذوقه، لكن الأزمات...... تصنع الحلول .
 




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=143845
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2020 / 04 / 26
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16