• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : رسالة يوم .
                          • الكاتب : وائل أبرون .

رسالة يوم

طلع الفجر ليوقظ من نام من الخلق، يعيد الضياء إلى الأرض و ينشر عطرا اختار من الطبيعة أن تكون له طعما...كان أول من استيقظ ديك ارتبط دائما بساعات الصباح الأولى ، لا يملك غير صوته يوقظ به من للصباح هو مستقبل من الناس و إن أبصر ملكا حياه بصياح جميل،عصافير تزقزق فرحا بقدوم ضيف عزيز،نحلات تتسابق على رحيق الأزهار التي تحلت بابتسامات عريضة أن أقبلوا علي فإن ما أملكه ليس ملكا لي بل هو هبة استئمنت عليها،فقولوا للضيف أن يشهد على عملي فحين يعود في المرة الثانية يريكم أني كنت من العاملين...نمل يدب،أصوات تتعالى هنا و هناك مهللة بقدومه...
 
على النصف الآخر من الأرض،أقصد البشري منها،كان لصبي لم يكمل عقده الأول بعد بدوره عادة مميزة في استقبال الضيف ، فبعد كل فجر،يستيقظ متجها إلى السماء مطلقا كل أمنياته ، أحلامه، ما يصبو إليه و ما يريد من الغد أن يكون له من نصيب،و كان أكثر ما يحلم به أن يصادف في أحد أيام حياته ذلك الضيف الذي تستعد له الكائنات...
 
 كل يوم يقوم بنفس الشيء دون كلل أو ملل، بابتسامة عريضة، رأس مرفوع يستقبل السماء، إلى أن  جاء ذلك اليوم يوم اللقاء،نعم أخيرا استجاب الله لأمنيته، أن يلتقي بذلك الضيف.
 
لم يشهد في حياته رقة كرقته في الحديث ولا أدبا كأدبه في الجلوس، فأخذ الطفل يسأل كل الأسئلة التي جابت ذهنه منذ أن أدرك وجوده فقال:"قلي من أنت، فلقد اشتقت أن أسمع قصتك، فلكل منا قصة يرويها أليس كذلك؟"
 
أجاب:"حسنا يا بني،لقد شدني شوق قادم من قلبك ،شدني للقدوم إليك، لأروي إليك قصتي فاستمع، فأنا أولد في كل فجر،لا أملك من حياتي غير ما يفصلني عن غروب الشمس،فحين تغيب ، يغيب معها عمري لأعود من حيث أتيت ، و معي من القصص ما لا يخطر لك به بال،قصص ليست فقط من البشر، بل من كل ما حولك من نبات و حيوان و شجر، بل حتى للحجر حكايات يحكيها لي ، لا يجد من يستمع إليها فأعطيه من عمري علني أمسح عن وجهه ذلك الغبار المسمى بالجمود،نتناقل المهمة ذاتها أنا و إخوتي من بعدي، ليس لنا في الحياة غير هذا الهدف،أن نجمع حكايات الخلق،أن نعد همساته،سكناته و حركاته، تلك الحركات التي قد قدرت منذ الأزل فلا نملك نأنفسنا غير هذا العمل، ربما تنظن أن فيه من ملل،فنحن لا نحس نفس أحاسيسكم ،ف ما تملك الزهرة غير رحيقها لذبه للنحل و تسامر بالليل القمر، أكان لنا أن نمل إن أعطينا عمرنا لمن نحب ، و كيف لا نحب من خالقنا و خالقهم هو نفسه،وضع فينا من ذاته ذلك الجزء الخالد فينا المسمى الروح، و ما أجملها من كلمة، ما أعذبه من مخلوق، يمدنا بما لا يستطيع جسدنا احتماله، ف أنت ربما لا تبصر نصفي الثاني ;جسدي،لكنك بدونه لا تستطيع العيش ، هو أنفاسك التي تعدها، و إن لم تكن تفعل فهي كذلك من مهماتي، جسدي الريح و ما تحمل ،خرير المياه و ما يمسحه من ركود في الأرض، و عمري لا يتعدى مكان التقاء ذلك الماء بالسماء، مكان اسمه الأفق، هذه حكايتي و ها أنا ذا اليوم أبدأ عمري بأن أروي قصتي لك".
 
كان الطفل مندهشا لما يسمع فلم يسبق له أن تصور هذه القصة من من انتظره كل تلك السنين و قال:"عمرك لا يتعدى غروب الشمس، فهلا تعلمني كلمات أستطيع بها أن أضمن رؤيتك من جديد؟".
 
قال:"أرى في عينيك ضوء القمر المشتاق للانعكاس على وجه البحر،حسنا يا ولدي، اسمع، ما أعلمك أني لا أعود إلا إلى يوم القيامة، فاغتنمني، و لا تلقي بي خلف ظهرك،أنا شاهد على كل ما تلقي،تسمع أو تقرر أن تكون، ليس لي حجة عليك سوى تلك الروح المشتركة بيننا و بين باقي الخلق،أمانة عندك و عند باقي البشر ،فإن كنت أمينا علي كنت سندك و حجتك يوم لا تنفع حجج البشر، فهلا وعدتني بذلك ففي ذلك الخير كله، علمها لمن تلتقي من أصحابك ، أهلك و أحبابك ، أمانة ثقيلة لكنها ما أوصيك، و لم يبقى لي معك غير هاته الثواني قبل أن أبدأ في العمل ".
 
رد الصبي متلهفا:"أعدك أعدك أن أكون رسولا لرسالتك لباقي البشر، لكن قبل أن تذهب أرجوك أخبرني، أخبرني ما اسمك"
 
قال وهو يغادر مسرعا:"تذك اسمي جيدا، أدعى يوم".
 
انطلق يوم مسرعا ، مبتسما و متلهفا ليعانق الزهور في تفتحها، و ليجالس الحجر و ما تبقى من الخلق والبشر عله يكون لهم شيهدا، و على الجانب الآخر كان صديقنا فرحا بتسلمه مهمة المحافظة على رسالة يوم، هو لا يدري كم عظيمة هي،لكن بعد هذا اللقاء،أدرك سبيل الأحلام، تلك الأحلام التي تتحقق وكان مفتاحها أن يدرك معني "يوم"...
 
تمر الأيام والساعات والثوان دون أن نبصر أهميتها، ما تحمله لنا من خير، فلربما ننشغل في ما تحمله لنا عن إدراك ما بدرونا قد نعطيها، أن نعطيها بعضا مما عندنا، كما تعطي الزهرة رحيقها،كما تتبرع الشجرة 
بثمرها،دون انتظار لحساب، يوم يمر بعد يوم و كم مكتوب لنا أن نلتقي من إخوان "يوم"، لا ندري، ربما المئات،العشرات،أو فقط بعض منهم،فليس لنا سوى أن نغتنم ذلك اللقاء،علنا نحمل رسالة يوم...



  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=14224
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 02 / 16
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15