اراهن كثيرا ومنذ زمن بعيد , اي منذ ان وطأ قلمي الكتابة المسرحية بأن اجمل مايميزنا نحن كتاب المسرح في العرق هو الهم الانساني الذي يعتمر قلوبنا ويحرك اقلامنا فيما نكتب ويجعلنا في تفرد تام عن الاخرين , مثلما كنت ولا زلت أؤمن بضرورة لملمت شتات جهودنا الكتابية بجسد موحد نعضد فيه بعضنا الاخر لايماني المطلق بأن مايحقق كتاب المسرح في العراق من نجاحات داخل وخارج حدود الوطن كبير جدا ولم يصل له كتاب عرب اخرون , ولربما يصفني من يقرا هذه السطور بالعنصرية لمبدعي بلدي, فأن كانت هذه تهمة فهي كذلك أذن , فماجمل ان تتهم بانتمائك لوطنك ومبدعي انماءا روحيا خالصا , ولهذا جاءت فكرة موقع (STAJE TODAY ) ليكون منصة لابداع مانكتب وحاضنة للابداع العربي , وكي لا اذهب بعيدا عن عنونة المقال اسرد مفارقة انسانية جميلة دشنت هذا الموقع .
في كروب الدردشة الخاصة بالموقع وفي ساعة متأخرة من ليلة يوم امس ابرق الكاتب المسرحي العراقي علي حسين الخباز صرخة مغلفة بالبكاء وكلمات الرثاء وهو ينقل لنا خبر انتشر في مواقع التواصل الاجتماعي (facebook) عن اغتيال الكاتب والمخرج العراقي الدكتور اركان العتابي في ظروف غامضة , لحظات حبست فيها الانفاس وخفقت فيها القلوب حزنا وعزفت العيون سيمفونية الدمع على زميل عزيز وشاب مبدع لازال يواصل الاعلان عن نفسه كمشروع ابداعي في مجال المسرح وبقوة , تهافتت الرسائل وضج الكروب بتساؤولات الزملاء من كتاب العراق وهم يسألون ( كيف - ولماذا - واين ) , لحظات استفزت فيه ذاكرتنا راح وكل واحد منا يعيد ذكرياته ولقاءاته بالزميل الشهيد , توقف الزمن وراح الخباز يبكي وينشد شعرا للرثاء بحزن وحرقة مع جملة من صور الزميل الشهيد في مناسبات عدة ولاسيما اخر لقاء جمعنا به في مهرجان المسرح الحسيني بدورته الرابعة الذي نظمت العتبة العباسية المقدسة حينها وقدم فيها الزميل الشهيد مسرحية ( رؤوس واجساد ) كتابة واخرجا .
هرع كل منا للبحث والتقصي في موقع التواصل الاجتماعي وفي صفحات الاصدقاء ولم تمضي الا نصف ساعة من العزاء والحزن حتى استدلينا لصفحته الشخصية وعرفنا ثمة تشابه اسماء ولم يكن الشهيد هو زميلنا بل الشهيد كان كفاءة اخرى للاسف من كفاءات العراق المهدورة ,فهدأ القلب واستراحت العيون واطمئن قلب الخباز وتوقف عن البكاء , واجمل ما في هذه المفارقة الانسانية عندما علم الدكتور اركان العتابي بالمفارقة اتصل بنا في الكروب وشكر الجميع وهوعيونه تدمع لهذه المحبة ومن ثم تحدث الخباز بدموع الفرح كونه شعر ان هناك من يحبه بهذا القدر الانساني فهل كانت دموع العتابي فرح ام حزن ان تصل البلاد لهذا الالم , وهذه المفارقة الانسانية كانت تعلن ان العراق لايموت والمسرح وجدان وكلمة الخباز لنا جميعا ( اشعركم من بيتي ) هي قمة العفوية الصارخة بالنخبة.
هذه ببساطة هي جوهر العلاقة التي تجمع بعضنا ببعض في خارطة الكتابة المسرحية في العراق ولولا هذه العلاقة الانسانية لما ابدعنا وكنا في طليعة اصحاب المنجز الثر , الخباز الذي جمعنا لسنوات في مهرجانات مهمة للعتبة العباسية المقدسة كان الاب والصديق والسند والعون لنا ولازال حتى اللحظة يمارس هذه الابوة الابداعية الصادقة .
فشكرا للخباز وسلاما لدموعك ايها المهيب بالعطاء وشكرا لكل كتاب المسرح في العراق لهذه لمحبة وهذا الصدق في الانتماء لبعضنا الاخر .
|