معلوم أن الصين التي يبلغ عدد نفوسها ما يزيد على مليار ونصف المليار نسمة ، تقيم مهرجاناتها ومناسباتها بشكل متناسق ، وتسيطر على مسير كل شئ بشكل انسيابي ، ولو أنك سألت أحد مشايخنا عهن سر هذا التنظيم الرائع لقال لك إنه (توفيق من الله) ، ولو أنك سألت أحد الساسة لقال لك بأنه نتيجة التخطيط المسبق ، ولو سألت أحد (البراغماتيين) لقال لك بأن نجاح التنظيم يكمن في الدعم المادي ، ولو سألت أحد البسطاء عن سر روعة التنظيم لقال لك بأن المنظمين (وادم ... يفتهمون) .
في مهرجان الانتصار الذي أقامه التيار الصدري يوم الخميس الفائت ، والذي تصدق عليه تسمية (مليوني) ، وكما يعلم (أهل مكة) ، فأن السيد القائد مقتدى الصدر ، قد دعم المهرجان دعماً (مالياً) و (بشرياً) و (معنوياً) بشكل منقطع النظير ، بل وضع له إمكانيات تليق به كمهرجان يؤبن للدماء العراقية الطاهرة التي سالت لمقاومة الإحتلال ، والبدء بالبناء ، ولكن كانت النتيجة سوء الإدارة ، وقلة التنظيم ، مع وجود ما يثير التساؤلات التالية :-
1/ اختيار (أبو يوسف) عريفاً للمهرجان من قبل الشيخ (صلاح العبيدي) وإصراره على توليه العرافة ، وتشبث الأخ (فاضل الشيخ) والشيخ (حسين الشيباني) بهذا العريف ، بالرغم من إن (أبو يوسف) هو نفسه قد تولى عرافة مهرجان (يوم الوفاء) للجنود الأمريكان ، الذي أقامته السفارة الأمريكية .... فهل كانوا يعلمون بذلك ؟ أم لا يعلمون ؟ وهل عقم التيار الصدري أن يلد (عريفاً) مفوهاً مثقفاً صدرياً ليتولى ذلك ؟؟
2/ بعد (ربع ساعة) من المهرجان ، نزل (خلق الله) إلى الشارع ، وزحف الحاضرون إلى (المنصة) ، وانكسرت الحواجز والأطواق الأمنية ، وأصبح المهرجان عبارة عن تجمع (كيفما اتفق) ، حتى شعر البعض أن المهرجان عبارة عن (إسقاط فرض) وبس ، فهل عجزت طاقاتنا الصدرية الكبيرة عن تنظيم هذا الحشد كما كانوا يفعلون من قبل ؟ ولماذا كانوا ينجحون في كل تجمعاتنا السابقة وأخفقوا الآن ؟؟ وهل كان النقص بالعدة ؟ أم بالعدد ؟
3/ الصدريون يتساءلون ، وأنا أتسائل معهم .. ما سر رفع علم (المعارضة السورية) السلفية بإزاء علم سوريا ؟ مما سبب إرباكاً للصدريين ، وأضفى عليهم طابعاً من التردد ، فهل نحن مع الحكومة والشعب السوري ، أم نحن مع (المعارضة السورية) التي رمت (ضريح السيدة زينب) بالحجارة ، وهدد قادتها بتصفية (جيش المهدي) بعد الانتهاء من تصفية بشار الأسد ... وهل نحن مجبرون على مجاملة النواصب ؟؟
4/ إن مهرجان الانتصار (الصدري) كان المفترض به أن يكون صوتاً للمقاومة (الشيعية – السنية) ، ولكنه أصبح منبراً للمزايدات ، ورأينا من كانوا يسموننا بـ (المليشيات) بالأمس ، رأيناهم يعتلون منبر المهرجان ويتحدثون باسم المقاومة ، ولست أعرف لماذا نسمح لهم بسرقة تأريخنا ، ولماذا نجامل على حساب الحق والحقيقة ؟ ولماذا نقدم منجزنا على طبق من ذهب لأعداء الأمس ؟؟
5/ كان المهرجان يشكو من (كثافة الإنتاج .. وسوء التوزيع) ، وقد عانى أخوتنا فيه من الجوع والعطش والتعب ، رغم أن السيد القائد مقتدى الصدر قد أكد على حسن الضيافة ، وتوفير أدق الحاجيات للحاضرين .
6/ لقد لا حظ الحاضرون بأن اللجنة المشرفة قد أعدت (خيمة) خاصة للسياسيين والبرلمانيين والوزراء ، وتركت أخوتنا المعممين دون مقاعد يجلسون عليها ، وكأننا تيار (سياسي) يعطي للمناصب والساسة اهتماماً خاصاً و لا يهتم بالحوزة التي أوصى بها سيد شهداء الغيبة الكبرى ، (معلمنا وقائدنا ومرجعنا) السيد الشهيد الصدر المقدس ، أ فجزاء الحوزة هذا ؟ أ فجزاء الحوزويين هذا ؟
7/ كالعادة .. كانت التغطية يتيمة ، وضعيفة ، ولم تصل إلى الغاية المرجوة منها لإيصال صوت الصدريين للعالم ، ولم تكن لتغطية الإعلامية تتناسب وحجم الإمكانات التي وضعها السيد القائد لهذا المحفل المهم ، فهل عجز إعلاميو التيار عن ممارسة دورهم في دعوة الفضائيات ووسائل الإعلام ؟ ولماذا يتم إنفاق هذه الأموال دون جني الثمار المرجوة ؟ وما هو الدور الحقيقي للهيئة الإعلامية والإعلاميين الصدريين ؟
8/ لقد كان سوء توزيع (الصوت) ، وعدم إمكانية فهمه بسبب تداخل (مكبرات الصوت) وعدم وضوحه ، سبباً من أسباب الإخفاق ، وكأن القيم على توزيع (الصوت) لم يفلح في فهم أنه (مهرجان) وليس (مجلس فاتحة) ، فهل السبب يكمن في قلة الخبرة ؟ أم قلة الإمكانيات ؟
9/ لقد بدأ أخوتنا باستخدام (المونتير) الشاشة المتنقلة كبداية (متأخرة) في هذا المهرجان ، بدليل أنها كانت (شاشة) واحدة ، وبعيدة ، ولا تكفي لهذا الجمع المليوني ، وكأنها جاءت لإسقاط الفرض ليس إلاَ ، فهل القيمين عليها لا يعرفون قيمتها وأبعادها ، ولم يتصوروا إمكانياتها ؟ أم إنهم يرونها لأول مرة ؟
وختاماً ... فنحن نتساءل .. ما سر الإخفاقات التي نمر بها في كل مهرجان ؟ ولماذا لم نستفد من أخطاء الأمس ؟ ومن يتحمل مسؤولية هذه الأخطاء ؟ الهيئة السياسية ؟ الهيئة الإعلامية ؟ الثقافية ؟ أعضاء اللجنة المشرفة ؟ أعضاء المكتب ؟ وعلى كل حال ، فلكل من هؤلاء نصيب من الإخفاقات ، ولن نبرئ منهم أحداً ، ونقولها واضحة وصريحة وجلية ، بأن ما حدث لا يمثل طموح ورغبة السيد القائد مقتدى الصدر رغم ما وفره من إمكانيات وطاقات ، وهو لا يمثل طموح ورغبة الصدريين المقاومين المضحين البسلاء .
راسم المرواني
المستشار الثقافي للتيار الصدري
العراق / عاصمة العالم |