هو اجتماع ساحر يرى حسنه كل من يؤمن به . احتجاج تشرين القائم للحظة كتابة هذه الكلمات تعبير مغاير ايما مغايرة عن ذات اجتماعية متحدية و متطلعة ( ساكتب في وقت اخر عن سلوكياته) ، لن يرى هذا من يؤمن بأن اجهزة مخابراتية او اعداء النظام الاشرار وراء كل هؤلاء الملايين ،و لن يراها المنتفخون من التهام المواعظ و اعادة رميها بوجه الناس و لا يعرفون النظر الا بعين أحكام القيمة بمسطرة الذوق و اللغة و السلوك الرفيع ، هذا الجمال الذي تصوغه الملايين في ساحات الاحتجاجات و خاصة ساحة التحرير ببغداد حقق اشياء اجتماعية و نفسية مهمة و شكل فاصلا عما قبله و ما بعده لكنه لن يبقى ، لن تبقى روح الجماعة هذه طويلا هو زمن استثنائي تفسره مقولات الجماعة الواسعة في العلوم الاجتماعية . سيجابه اول تحدياته و هي الواقعية ، يمكن ان يسمي كل باحث المرحلة الثانية باي اسم . و لنطلق عليها بالشيء " تشييء الاحتجاج " تحويله الى شيء دعكم من الفلسفة التشييئية . فما هو مهم كيف يكون هذا المد العاطفي شيئا " واقعيا " . منذ ايام و انا اتبادل الحديث مع اكاديميين و باحثين عن هذه المرحلة. ما لفت نظري ان اغلبهم يرفضون الحديث عنها و يدعون الى تأجيلها و منهم من يعدها من اكبر المخاطر على النجاح القائم .
اتفق معهم بامرين ، الاول انها تحدي غاية في الخطورة . و الاخر ان المرحلة الثانية " التشييء " لا ينبغي ان يُجر من المستقبل ، بل ينبغي الصبر على ان تعطي المرحلة الاولى كل ماعندها كي يحصل الوصول الى الثانية بانسيابية . لكن ما يدفعني للكتابة هذه هو الخوف على ان لا تستمر هذه المرحلة او تنحرف او بشكل دقيق يتم توقيف هذه المرحلة و تعطيلها لزمن لا نعرف متى يأتي رغم الايمان بانه يأتي لا محاله ، او ان تنتهي المرحلة و لم تصاغ المرحلة الثانية ، لذا لزاما ينبغي و هذا شأن علمي متقدم ان يتم اهتمام علماءنا و باحثينا باستباق نظري يقدم رؤى تشكل خارطة طريق لهذا الاحتجاج . و من هنا ستشكل هذه الورقة الحلقة الاولى و دعوة للمشاركة في هذا الهم
السعة الوطنية
بشكل مباشر يعاني احتجاج تشرين من مشكلة جوهرية تتعلق بالشمولية فلا زال هذا الاحتجاج الوطني لم يقنع العراقيون في اقليم كردستان و المدن الغربية الى درجة تدفعهم لفعل ما يفعله عدد كبير من ابناء العاصمة بغداد و مدن جنوب و وسط العراق . لذا ينبغي السعي بشكل كبير من اجل توسعة هذا المشروع كي يحقق اهم دعائمه و هي السعة الوطنية
النخبة التنظيرية
يقوم الكثير من الباحثين و الكتاب مستثمرين فاعلية مواقع التواصل الاجتماعي و اشكال الاتصال الاخرى لتقديم رؤاهم المختلفة حول الاحتجاجات و مستقبلها بحسب التوجه المعرفي لكل منهم ، بيد انهم لم ينظموا دورهم في جماعات او منتديات او عنوان محدد يتناسب و المسؤولية التي عليهم القيام بها للوصول عبر التعاون لتقديم تصورات و خرائط طريق للجمهور العام . على ان يمارسوا ادوارا تأهلهم ان يكونوا محل ثقة هذا الجمهور و يقوموا بما يأديه العالم و الجماعة الملهمة و المؤثرة في نماذج اجتماعية مختلفة .
تيار تشرين الوطني
التشيء " الواقعية " السياسية تفرض ان صندوق الاقتراع هو الفيصل في حسم صراع من يمسك السلطة و كيف تدار هذه الاخيرة ، و هذا الاحتجاج مهما اتسع حجمه و فاعليته يبقى انه يطلب من غيره " الأيديولوجي " ما يريد و هذا امر غير منطقي ، و لا قيمة لطلبات اقالة الحكومة و اجراء إنتخابات مبكرة و تعديل الدستور او اي مطلب اخر ، فمن يا ترى سيقوم و يحقق هذه المطالب!؟ في الواقع الذي لا يوجد غيره سيقوم به من خرجت الناس ضدهم ، و دعكم من كل الافكار عن اشراف اممي فقانون الامم المتحدة لا يتيح لها ان تشرف على انتخابات في بلد مثل العراق ، و لا حتى مشاركة علماء و اكاديميين مستقلين في مشاريع تعديل الدستور او كتابة قانون الانتخابات و اختيار مفوضيها فكل هؤلاء رايهم للاستئناس لا اكثر ، اذا لم يصبحوا من اجل مصالحهم الشخصية اكثر ملكية من الملوك ، و لا قيمة لنظرية " ضغط الشارع " فهنالك اكثر من طريقة للالتفاف و التموضع من اجل المصالح الفئوية . و هذا يفرض على الاحتجاج التشريني ان يفرز تيارا سياسيا يصاغ خطابه من فلسفة الاحتجاج ، و الا فالمرحلة الاولى ستبقى مجرد زمن حلمي جميل عاشته الجماهير تنفست فيه ذاتها المغيبة و ادملت جراحها لايام عن طريق ارعاب خصومها من الفاسدين و محتكري النظام بغير حق .
التقاط الفرصة
الهزة التي احدثها احتجاج تشرين و الذي لا يتكرر في اي وقت ليس كاحتجاج فحسب بل كسياق كامل ، يشكل فرصة تأريخية ينبغي ان تلتقط و يتحقق عن طريقها الكثير و هذا ما يفرض التفكير جديا بوضع مطالب جوهرية من شأنها اعادة بناء النظام السياسي . من قبيل اشتراط اعتماد الية الدوائر الانتخابية و الانتخاب الفردي و تفعيل قانون الأحزاب السياسية بعد تعديله بمنع تشكيل اي حزب سياسي على اسس قومية او دينية . و العمل بشكل واضح عن الكشف عن مصادر تمويل الاحزاب و الزعماء السياسيين بعد تشريع قانون يمنع بموجبه كل من يعمل في الشأن السياسي ان تكون لديه تجارة مرتبطة بمؤسسة من مؤسسات الدولة و لا حتى على مستوى الضرائب و الكمارك . و اعادة النظر بقوانين الهيئات المستقلة بما يحقق تطبيقيا استقلال فعلي لها و ايقاف عملية الهيمنة لاحزاب معينة على المناصب التي تسمى بالخاصة .
يتبع
حيدر زوير
|