( 1 )
أعلم أن بين ترددي وثورتكِ ألف مجرة من الزَفَرات , مثلما بتُّ على بساط اليقين أن حجب مُسدلة كانت بيننا , ترانا ولا نراها تسخر منا ضاحكة وهي تعلم ما لم نكن نعلمه نحن , حين كان ضياء قلبينا يذيب كل المسافات , ولا يبقي لها أثرا , سيدتي لقد ضَحِكتْ وهَزِئَتْ بنا الساعة , حين بتنا نراها ولا ترانا !
ولك انت تتصوري حجم شقوتي التي تجعلني الآن ماثلا بين يدي الجمر , أقلبُ قلبي على سياطٍ من الجحيم , ذلك الجحيم الذي ساقنا له الحب , ولا ذنب لنا سوى أننا أرواح لا تعرف التخطيط في شيءٍ ولا الحسبان , فلها أن تصلى وعلى السعير ايابها ,
لقد وجدت دموعَكِ في خدي وأنا أقلبُ وجهي علّني أجدُ ذلك الذي أحببتِ , لقد سمعتُ ثورتَك أنين نايٍ حزين حين كنت أقلبُ الصمت , الذي ران به ذلك الهيكل الجامد , أي جمودٍ ذلك ؟ وأي ثورةٍ تلك ؟ كنت أعلم أنكِ بحجم هذه الثورة , التي انبرت دموعك تشيعها اليوم , فلقد أحببتني وهذا يكفيكِ لكي تحتلي من مراتب النزق الثوري ربوبيته , فالحب ثورة بحد ذاته , وكيف لا وانتِ صرختي بذلك الحب مُحَطمة ذلك المعبد القفر, الذي يرتاد قبابك الشامخات, عبدا نجسا ! كيف لا تطردين من جنتك من سولت له نفسه فلم يغرق في بحرك متلاطم الحب ,
لقد بلَغني ايتها الملكة السعيدة بكائك .. وسرت في نفسي رعشة كرعشة الموت الأخير , وانتِ تصفينني بكل ما جاد به صمتك الثائر من اوصاف وصفات وتنسبين لي أفعال لم تسول لي نفسي إطلاقا أن أفكر في درئها عنها فكل ما تقوليه أستحقه , ولكن آلمني اتهامك إياي بالضحك فتلك والله جريرة لا أقوى على استجداء غفرانها من الله يوما , أنا يا سيدتي حين نظرت الى وجهي الذي يقطر ضحكا - كما تقولين - رأيتُ أحدَ عشر كوكبا في وجهي وطفلا وحيدا في غياهب الحزن يلوّح لسيارتك الذين لم يشروه ولو ازدادوا كيلَ ضمير ,
|