• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : ثقافات .
              • القسم الفرعي : ثقافات .
                    • الموضوع : الويل لك يا فرزدق..! .
                          • الكاتب : علي حسين الخباز .

الويل لك يا فرزدق..!

 فعلك تفوح منه رائحة العبث، وأنا الذي كنت أعرف انك لا تصلح لمسايرة الأمراء والملوك؛ لأن أحلامك من حروف، من كلمات لا تقدر أن تقف على قدميها كما هي أحلام الناس، ماذا فعلت يا فرزدق الخبل؟ أو تظن انك تعرفه احسن مني؟ قرأت في عينيك الشماتة، وأنت ترى عجزي عن استلام الحجر الأسود، ولذلك خفت على انكساري، فنصبوا لي منبرا حمله اهل الشام للطواف بي، رأيت في عينيك الشماتة، وأنت ترى الناس يتنحون ليفجوا له طريقاً، يستلم بيديه موضع الحجر الذي عجزت انا عن استلامه، رأيت في عينيك الشماتة، وأنت ترى الناس يقفون هيبة ووقارا، قلت مع نفسي: لتسير على ما هي الأمور وهذا شأن الناس، نحن قادرون على اصلاحهم يوما، عندما سألني الرجل الشامي: من هذا يا أمير المؤمنين..؟ خادعته فقلت: لا أعرفه، انهارت ضفافك طوفاناً من الشعر لتعرف بعلي بن الحسين:

هذا الذي تعرف البطحاء وطأته  والبيت يعرفه والحلّ والحرم

هذا ابن خير عباد الله كلّهم  هذا التقيّ النقيّ الطاهر العلم

لقد فاتك يا فرزدق حين ظننت انك تعرفه احسن مني..؟ أنا هشام بن عبد الملك، وأنا الذي اعرفه خير معرفة: هو الامام علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السلام)، انا اعرفه اكثر منك يا فرزدق، لقد برز علی الصعيد العلمي إماماً في الدين، ومناراً في العلم، ومرجعاً لأحكام الشريعة وعلومها، ومثلاً أعلی في الورع والتقوی، هذا ما تريد ان اعرفه يا فرزدق، لا وأزيدنك معلومة ان المسلمين اعترفوا جميعا، بعلمه واستقامته، وانقاد الواعون منهم الی زعامته وفقهه ومرجعيته.

وکانت قواعده الشعبية ممتدة في کل مكان من العالم الاسلامي، ولم تكن ثقة الأمة بالإمام زين العابدين (عليه السلام) -علی اختلاف اتجاهاتها ومذاهبها- مقتصرةعلی الجانب الفقهي والروحي فحسب، بل کانت تؤمن به مرجعاً وقائداً ومفزعا في کلمشاکل الحياة وقضاياها، ماذا تريد مني بعد يا فرزدق؟ أأحدثك عن شجاعته وهو الذي وقف في مجلس بن زياد يرعد به: أتهددني بالقتل يا بن زياد؟ أما علمت أن القتل لنا عادة وكرامتنا الشهادة؟ هل أزيدك يا فرزدق..؟ وهو الذي وقف في وجه يزيد في الشام يصرخ يا ابن معاوية وهند وصخر لقد كان جدي علي بن أبي طالب يوم بدر والخندق في يده راية رسول الله (ص)، وأبوك وجدك في أيديهما رايات الكفار.. ماذا تريد ان احدثك عنه بعد يا فرزدق..؟

 رجل كثير التصدق على فقراء المدينة ومساكنها وخصوصا بالسر، كان لا يأكل الطعام حتى يبدأ بصرف ما يمتلك، كان يا فرزدق يحمل جراب الخير على ظهره بالليل، ويقول: صدقة السر تطفئ غضب الرب، كان يطلق العبد يا فرزدق، ماذا تريد بعد أن اعرفك ببلاغته، فاذهب لتسمع ادعيته وحواراته وبلاغته لكن مع هذا لا اطيقه مثلما يرفض العرش، نحن أبناء سياسة يا فرزدق، ولسنا أبناء دين، لذلك سأريك كيف تتجرأ لتصفه في شعر لم توصفنا بمثله يوما، سأريك من أكون انا، والويل لك يا فرزدق




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=138231
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2019 / 09 / 25
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15