أمطرتنا سُحب الساسة ببيانات وكلمات وخُطب عصماء ..للإشادة بالجيش العراقي ،ومثلها للمطالبة بضبط الحشد بعدما أعياهم حله ..وقبلها بالرقص على جثث مجهولة الهوية ،ودموع ذُرفت دفاعاً عن النازحين ،والفقراء ،والمظلومين ،وأصوات نددت بالتهميش ،واُخرى استنكرت التجويع ..من كردستان الى البصرة ومن شرق العراق الى غربه ..أسطوانة جاهزة للعمل في كل زمان ومكان ..ونسوا انهم من تسبب بهذا الكم من البؤس ..
مشهد اليوم نراه ونحن محاصرون من كل قناة بكم هائل من التجهيل والتضليل والتشويه والتدليس ...
ليس هذا فحسب بل امتد هذا الوباء الى عدد ليس بالقليل من النخب او ما تبقى منها ،واصيبت الرؤية بالحول تارة والبعور تارة اخرى ،فهي لا ترى الا ما يراد لها ،ولا تتكلم الا بما يُكتب لها ،ولا تأن الا حينما يُطلب منها الصراخ ..
ان اشغال الناس بحروب افتراضية له مردود إيجابي بإبقاء المجتمع تحت وطئة التأثير السلبي وغسيل دماغ ،ولهذا فهم يفتعلون الأزمات بين الحين والآخر .
أتذكر احد اساتذة العلوم السياسية ،قبل الغزو الامريكي ،كان يقول لنا ان التظاهرات المنددة بالحرب حالة سلبية وهي ستعجل بوقوع الحرب ..سالته كيف ذلك ؟قال :التظاهرات ستعطي دفعات لكلا الطرفين بالتقدم خطوة او اكثر نحو المعركة ،وخروج اي تظاهرة تندد بالحرب يعني حتمية وقوعها ..لم افهم هذه الفلسفة في وقتها ..ولكنني وبعد مضي هذه السنوات استطيع القول ان لكل موقف هدف ..وعلينا ان لا ننساق لكل تصريح ،ولكل تصريح غاية ،ولكل غاية مشروع يتم تمريره ونحن منشغلون بالتنديد وتوضيح مواقفنا ،،والدفاع عن وجودنا ..
من يحاول دحض التهمة وهو يعلم بانها الالهاء وإشغال الآخرين شريك بهذا المشروع ..
اعذروا صراحتي ولكنها الحقيقة التي أراها ..
——
خطب [علي (عليه السلام)] بالكوفة فقام رجل من الخوارج فقال:
لا حكم إلا لله. فسكت علي، ثم قام آخر وآخر، فلما أكثروا عليه قال: كلمة حق يراد بها باطل، لكم عندنا ثلاث خصال: لا نمنعكم مساجد الله أن تصلوا فيها، ولا نمنعكم الفيء ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نبدؤكم بحرب حتى تبدؤونا به، وأشهد لقد أخبرني النبي الصادق عن الروح الأمين عن رب العالمين أنه لا يخرج علينا منكم فرقة - قلت أو كثرت إلى يوم القيامة - إلا جعل الله حتفها على أيدينا، وأن أفضل الجهاد جهادكم، وأفضل الشهداء من قتلتموه، وأفضل المجاهدين من قتلكم؛ فاعملوا ما أنتم عاملون، فيوم القيامة يخسر المبطلون، و ﴿لكل نبإ مستقر وسوف تعلمون﴾
|