تتصدع رؤوسنا بين الحين والاخر ببعض الشعارات التي تحوي بعض الكلمات الرنانة والطنانة ذات الايقاع الحسي والنفسي والمؤثر في اوساط الشباب خصوصاً والمثقفين عموماً،كعبارة المدنية والتمدن ،والدعوة الى حياة مدنية والى دولة مدنية ، فتاخذ مأخذها من السامع لما لها من ايقاع ساحر بسبب مظهرها الحسي الجميل الذي تطرب له الاذن .
بحثت في بعض معاجم اللغة العربية وليس كلها عن المعنى اللغوي لهذه الكلمة ، فالماضي منها ؛ مدَّن يمدن تمديناً ، فهو ممدِّن،والمفعول ممدَّن، مدَّن المدائن ؛ بناها ومصَّرها ، اذن فالمدنية ؛ بناءٌ وتطور ورقي ...
فوجدت انها كعملة ذات وجهين ولها جانبان ، فاذا انتفى احد وجهيها او جانبيها ، تفقد قيمتها بل قد ينقلب معناها الى غير ماوضعت لاجله...
فالوجه والجانب الاول هو الجانب المادي من الحضارة وما تحوي من عمران ووسائل الاتصال والترفيه ، يقابله الوجه الثاني ، الجانب الفكري والروحي والخلقي من الحضارة ...فكلاهما تطوير وبناء ...
فمالنا نجد من اتخذ المدنية شعاراً ونصب نفسه لها اماماً ، قد التزم بجانب وتنكر للجانب الاخر ، وجعل نفسه مدافعاً عن فئة من الناس قد ضعفت ارادتهم امام صعوبات الحياة واتخذوا مسلكاً يخالف الفطرة السليمة ، وهو مسلك العصيان واصبح يشجعهم ويغويهم ويروج لهم ، مع اننا نرجوا لهم الهداية والتوبة والرجوع الى فطرتهم السليمة .
فعندما ينتقد مايطرحه ممثل المرجعية المباركة وخطيب جمعة العتبة الحسينية المقدسة من خارطة طريق لكل صاحب مسؤولية في الدولة العراقية تتضمن حانبي الحياة المدنية في معناها اللغوي ، فتارة نرى ان المرجعية المباركة ترسم لنا آلية بناء الدولة ذات المؤسسات المدنية والخدمية بكل فروعها الاقتصادية والعمرانية والصحية والتعليمية وغيرها لاجل الالتحاق بالركب الحضاري للعالم وكابسط دولة كبعض دول الجوار، وتارة اخرى نرى انها تعالج بعض الظواهر الفكرية والاجتماعية والاخلاقية لتدعو الى بناء مجتمع حضاري متمدن راقٍ ياخذ دوره بين مصاف شعوب المنطقة، فنرى هذا الشخص الذي لايمكن وصفه باقل من عدم فهمه الكامل للتمدن والمدنية ، فنقول له: هل تعتقد انك عندما تسخر مما تطرحه المرجعية او تنقده باسلوب ساخر ، انك تضحكنا او تروح عنا ...كلا ايها المحترم ، فانك تضحك على عقولنا وترقص على جراحنا التي اوغلتم انت وجماعتك فيها عمقاً لتزداد آلامنا منذ ان مسكتم زمام امور هذا البلد وبددتم خيراته وثرواته ، وكان الاجدر بكم ان تجيبوا على التساؤلات التي طرحتها المرجعية المباركة ، لانه لابد للظلمة ان تنكشف بنور الصباح ، ويكون كل شيء فيكم مباح ...!!!؟؟؟
|