يقف رجل شرطي مرور على المجسر الفاصل بين مدينة الصدر و حي زيونة . مهمتمه في ايام عيد الاضحى منع عبور " التكتك " باتجاه زيونة و تحديدا الى مدينة السندباد و بغداد للالعاب و المدينة المائية و مجمعي النخيل و زيونة التجاريين . للوهلة الاولى يبدو الامر تنظيميا و هو كذلك شيء حسن . بيد ان هذا المجسر كان و لا زال يمثل حدا فاصلا بين ما قبل و ما بعد القناة ،و تأمل وجوه سائقي هذه التكاتك و انتشار وسيلة النقل هذه يحيل الى اشياء فضيعة . ففي شارع الجوادر كتب صاحب محل لبيع الاجهزة الكهربائية على يافطة انه مستعد لبيع " التكاتك " بالاقساط . بعد ان صار التكتك لصبية و شباب مدينة الصدر مصدر عيش و تغيير لمجرى الحياة البائسة بشكل كبير . في هذا المدينة الشابه المريضة تكتض الشوارع بشكل رهيب باعداد التكاتك التي يقودها شباب ما بين ١٣ و ٢٥ سنة . اغلبهم تركوا الدراسة و انخرطوا في عالم العمل بالنقل عبر التكتك . و مثل كل مختلف صاغ العمل هذا ، لهؤلاء الفتيان سلوكهم و اسلوبهم حتى صاروا كانهم ثقافة خاصة او فرعية .
يُعبِر التكتك عن الفقراء في مدينة الصدر بشكل دقيق فهذه المدينة التي يحشر فيها اكثر من ثلاث ملايين نسمة . كأن عليها ان تبقى مستمرة في الضياع الجيلي ، و يمكن تحدي اي جهة معنية بها ان تقدم احصائيات عن عدد الشباب فيها و عدد من تركوا مقاعد الدراسة و نسبة من يتأهلون سنويا للقبول للدراسة في الجامعات او الاختصاصات المتقدمة . و مقارنة ذلك مع اي حي سكني اخر، و كذلك احصائيات الديمغرافية . و متابعة التصورات التي يحملها الكثير من النخبة السياسية و الدينية عنها . فهم الزومبيات كما اتفقت سياسية و زعيمة قائمة شيعية في وقت سابق مع وصف اطلقته الة اعلامية لجهة سياسية هي الاخرى شيعية . و عد زعيم سياسي و ديني اخر ان جمهوره من المحترمين و الحضاريين الذين لا يفعلون كما يفعل جمهور المتظاهرين من مدينة الصدر و اشباهها ، غير النظرة الدونية التي يراها اهالي هذه المدينة عند كل أبناء حي بغداد . حتى بلغ ان مدونين على خواقع التواصل الاجتماعية اطلقوا حملات لمنع دخول شبابةمدينة الصدر لاخيائهم و خاصة الشوارع التجارية فيها ، فيما تمارس الحركات اليسارية و الشعبية و خاصة الاسلامية هي الاخرى و التي من المفترض انها صوتهم و قضاياهم هي موضوع نضالهم . تمارس هذه الحركات استغلال لبنيتهم العقائدية الشعبية بشكل بشع .
و على الرغم من الدراسات الاجتماعية و الثقافية التي اجريت لجوانب مختلفة في هذه المدينة بيد ان فهم بنائها و بنيتها لم يقدم بشكل صريح . لذا و منذ عقود و لا زال والى أليوم ينظر لابناء هذه المدينة كما كان ينظر الاوربيين لبعض الشعوب التي يعدونها متوحشة و برابرة و متخلفة ، و لعل كلمات و أمثلة الاستهزاء و التندر الكثيرة ابرز مصاديق هذا ... لم يدرك في اي وقت ان كل الغرائبيات التي تتسم بها الحياة في هذه المدينة هي تكيف مع بيئتها او ايكلوجيتها . و لم يدرك و بشكل جاد ان متعلقات كثيرة و عميقة في حياة العاصمة بغداد مرتبط بما يحصل في هذه المدينة . لقد حان الوقت لتكون هذه المدينة قضية عراقية جادة .و هي كذلك قضية نبيلة لمن يناضل اخلاقيا .
|