
وطني العراق.. هلا انحنت هاماتكم ***فلتربه في كل شبر مأثرة
جاء العدو لكي يدنس أرضه *** فلنصره قامت أُلوف ناصرة
حشد بفتوىً سار أنعم منهما *** فتوى الكرامة والجنود الحاضرة
ولحوزة العلم الأبي تنافسٌ *** نحو الدفاع.. عيونهم متساهرة
هذي عمائمنا الشريفة أنها *** نحو الشهادة بالدماء مفاخرة
من عمائم الشرف المباركة التي تضمخت بدمائها أرض الوطن فصارت علمًا من أعلامه: الشهيد السعيد الشيخ (سالم جاسم لفتة العبادي)، من مواليد ١٩٧٣م في محافظة ميسان/ حي السلام، من عائلة طيبة ملتزمة مقاوِمة، عملت على مقارعة النظام البائد، كانوا من سكان مدينة الاهوار، لكن وبسبب بطولاتهم وجهادهم ضد النظام السابق تعرضوا للتهجير بشكل متكرر ومستمر من مدينة إلى أخرى ومن مكان إلى آخر، فكان آخر سكناهم في مدينة العطاء والشهداء مدينة البصرة، تمكن الشهيد من إنهاء الدراسة الابتدائية والمتوسطة ولكن ظروف المعيشة الصعبة والملاحقة المستمرة منعاه من إكمال التحصيل الأكاديمي.
له باع كبير في النضال والجهاد ضد النظام حتى تم اعتقاله وحكم عليه بالسجن لمدة ست سنوات بتهمة مقارعة النظام سياسيًا، لكنه لم يتخل عن معتقداته وآبائه، وبعد خروجه من السجن تزوج وُولد له اثنان من الأولاد.
عُرِف عنه أنه كان طيب القلب، حسن السيرة والسلوك، واسع الصدر، بَشِر الوجه بشوشاً، ومن أهم ما اتسم به هي غيرته على الدين والمذهب، لذا وبمجرد أن سنحت له الفرصة حتى التحق بصفوف إحدى الحوزات العلمية في البصرة: حوزة خاتم الرسل (صلى الله عليه وآله)، ليتمكن من تحصيل علوم الدين وتلقيها ونشرها بين الناس، إذ كان ينشرها من خلال دوره في الخطابة فقد كان صاحب صوت شجي حزين يحيي به مصائب أهل البيت (عليهم السلام)، وشخص أبي النفس عظيم كهذا وبمجرد سماعه لفتوى الجهاد الكفائي المقدس لبى مسرعًا ساعيًا لحماية الأرض والعرض والذود عن المقدسات، فكان أول التحاقه في منطقة اليوسفية، وقد كان مستبسلًا في الدفاع، قويًا في القتال كما أنه كان يقاتل بسلاحه الشخصي، غير أن بطولاته وتواجده لم يكن على الصعيد العسكري فحسب بل كان يشارك في التعبئة المعنوية والتوجيه العقائدي للمجاهدين كأبٍ وأخٍ لهم...
شارك الشهيد السعيد في تحرير العديد من المناطق من أدناس داعش الإرهابي ومنها: الكرغول وعرب جاسم، وكان آخرها جبال حمرين إذ استشهد فيها بتاريخ ٦-٥-٢٠١٥م، وكانت إصابته في رأسه، إذ قضى شهيدًا مع ابن عمه الشهيد (حيدر حسين العبادي)، وبقيَت الاجساد المباركة لهذين الشهيدين البطلين في أرض المعركة إلى يومنا هذا، مما دفع أهل منطقتهم الى إقامة تشييع رمزي لهما عرفانًا بفضلهما ورثاءً لسيرتهما العطرة، وقد أوصى الشيخ الشهيد بأمور عدة أهمها الالتزام بالصلاة، وكأنه يريد أن يوضّح لنا بأنها عمود الدين ونجاة المسلمين، كما أوصى بقراءة القرآن فهو أنيس القلوب ونور الدروب، وأوصى أيضًا بالتمسك بطريق الإمام الحسين (عليه السلام) ومنهجه المبارك، أما أولاده فقد أوصاهم برعاية والدتهم وكأنه يذكرهم بأن الجنة تحت أقدامها، وطلب منهم بعد اكمال الدراسة الأكاديمية أن يلتحقوا بصفوف الحوزة العلمية المباركة من أجل تحصيل العلوم الدينية، هكذا رحل (سالم) بسلام، مخلفًا في جبين الحق والإنسانية بصمات مجده وجهاده المستمر منذ الصغر، فالسلام عليك يوم جاهدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيًّا ورحمة الله تعالى وبركاته.
|