لقد أثارت مسألة الحجاب جدلاً عند بعض الباحثين الذين أصروا على أن الحجاب يسلب حرية المرأة ويعتبر إهانةً لكرامتها وشخصيتها، ولكن خفي على أولئك أننا عندما نمعن في هذا نجد أن ستر المرأة في الحدود الشرعية المقررة يؤدي إلى رفع كرامتها وإحترامها من ناحية يصونها ويحفظها من ناحية أخرى .
إن شرف المرأة يقتضي حين تخرج من بيتها أن تكون وقورة في لبسها ومشيها وكلامها .
فالمرأة حين تخرج سافرة وتبرز مفاتنها وتغالي في تبرجها وتمشي بطريقة خاصة بحيث تثير الآخرين فإن هذا يؤدي أحياناً إلى ممارسة الرذيلة وتدنيس الكرامة وأحياناً يؤدي إلى تفكيك وهدم الأسرة وتحطيم مستقبل الأبناء .
فهل إذا خرجت المرأة من دارها بلباس محتشم وبوقار بحيث لا تلفت الأنظار إليها، يكون ذلك سلباً لحريتها أو إهانةً لكرامتها وشخصيتها ؟
إن الإسلام منح الحرية للمرأة أن تخرج من دارها محجبة وبرضا زوجها لتمارس دورها كالتعليم والعمل …… لا كما يعترض البعض بقولهم أن الحجاب يؤدي إلى تحجيم المرأة وإلى تعطيل دورها ونشاطها في المجتمع ….
تشريع الحجاب
حين نقرا في كتب التاريخ نجد أن الحجاب كان قائماً عند المجتمعات القديمة كالمجتمع العربي الجاهلي وعند الرومان واليونانيين والهنود وكانت المرأة لا تخرج من دارها إلا وهي مدثرة بحجاب، وكذلك نجد في الإنجيل والتوراة آيات تصف النساء وهن يضربن الستر على أجسادهن كي لا يراهن الرجال، فالإسلام لم يكن هو أول من شرع الحجاب بل نجد أن الديانات السماوية قد نادت به .
إن الإسلام يعتبر أن التبرج محصور في محيط الحياة الزوجية المشروعة ، ومن هنا لا يسمح للمرأة بالخروج من دارها مثيرةً للغرائز لأن السفور والتبرج يؤدي إلى فتن الآخرين وأحياناً إلى أمور لا تحمد عقباها .
فالإسلام أراد الحجاب للفتاة لتخفيف الفساد وليكون علامة على عفافها وعزتها .
قال الله تعالى في كتابه الكريم :
{ قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخُمُرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو لآبائهن ….} ( سورة النور _ آية 31).
فيجب على كل مسلم أن يتجنب ملاحقة الآخر بالنظر _ رجلاً كان أم إمرأة ، والنظر بشهوة جنسية، وأن يكون عفيفاً أمام الآخرين وأيضاً يجب على النساء أن يتحجبن وان لا يظهرن محاسنهن أمام الآخرين ، وأن لا يقمن بإثارة الطرف الآخر.
الزينة : تقول الآية الكريمة : { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} أي الوجه والكفين .
وفي حديث للرسول (ص) وهو يخاطب أسماء بنت أبي بكر "يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يُرى منها إلا هذا وهذا _ وأشار إلى كفه ووجهه ".
{ ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ….}
حددت الآية الأولى مقداراً من الزينة التي يجوز تبيانها لعموم الرجال أما هذه الآية فتحدد الأشخاص الذين يجوز إظهار الزينة أمامهم وهم : الزوج الذي يسمح له الإطلاع على كامل مفاتن زوجته أما المحارم التي يُسمح للفتاة بالظهور أمامهم بصورة محتشمة وهم : الآباء الأجداد الإخوان وأبناؤهم وأبناء الأخوات الأخوال والأعمام ، وآباء الأزواج ، وأبناء الأزواج .
وهذا ما نصت عليه الآية الكريمة التي تقول:
{ ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن ……}. (سورة : النور _ آية 31).
فحفاظاً على إنسانية المرأة وعفتها ، وحفاظاً على كرامتها وأُسرتها من الضياع وحماية المجتمع من الإنحراف يجب عليها أن تعتمد الحجاب شعاراً والوقار والعفة والحياء والإتزان سلوكاً وأخلاقاً لكي تحرز بذلك رضا الله تعالى وإحترام وتقدير الناس لها .
فالحجاب هو الدرع الواقي الذي تدفع به السوء والفساد عنها وعن مجتمعها .
|