• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : التصدع السياسي ..والواقع ((الديمقراطي))الهزيل..!! .
                          • الكاتب : مام أراس .

التصدع السياسي ..والواقع ((الديمقراطي))الهزيل..!!

 من مخاطر الديمقراطية هي حين لا نفهمها ،بل نفسرها حسب القناعات  الذاتية ونضعها في إطار، ونعمل بموجبها دون الاعتماد على أسسها العلمية والأدبية والأخلاقية..لذا فحين ننظر الى ديمقراطيتنا  التي نتبجح بها نجدها مهزلة ومصيبة كالتي لمسناها عند((عيديد)) حين وقف في إحدى الساحات الصومالية يحث مسلحيه ومرتزقته على ممارسة الديمقراطية والتفنن بها مع الشعب.!!
الديمقراطية بجانب الميلشيات المسلحة  ذوات الأقنعة السوداء التي تغطي الوجوه وتحرر الأيادي لفعل كل شيء هي ليست بديمقراطية..! أو التي بجانب الدين ويرجون لها من فوق المنابر والمساجد هي استهزاء بمبادئها ..! أو بجانب الفوضى والغوغائية أثناء خروج المسيرات هي طعن بالمبادئ التي جاءت من أجلها الديمقراطية ,,القراءة الحقيقية للديمقراطية هي استجابة النظام السياسي لمطالب التغيير والإصلاح دون الانتظار للعامل الخارجي لصياغة برنامج سياسي يضمن نجاح الخطوات باتجاه عملية البناء الديمقراطي للدولة،واقعنا السياسي أصابه الصدأ والتآكل في جوانب عديدة منها بفعل خشية طرف من الطرف الأخر بسبب انعدام الثقة بين الأطراف جميعها مما نتج عنها نظاما سياسيا ركوديا لا يقوى على الحركة ،والذي  سبب بفقدان سيطرته على مؤسسات الدولة ، وعدم ضبط إداراتها مما ترك إرباكا واضحا في تأدية مهامها الرسمية والوظيفية ..
الإرباك الأمني  والأوضاع المتردية نتاج  لسياسة الحكومة التي يترأسها نوري المالكي ((رئيس قائمة ائتلاف دولة القانون)) الذي لا يتردد في حشر خلافاتها مع الخصم اللدود أياد علاوي رئيسا القائمة العراقية ضن برنامجه الحكومي ،حتى أثرت تلك الخلافات السياسية على طبيعة أداء الحكومة الرسمية التي ينبغي ان تكون خارج إطار الخلافات السياسية ،لكي لا يدفع المواطن العراقي ضريبتها ،لان كل شيء في هذا الوطن لا يساوي المواطن وأمنه واستقراره النفسي والاجتماعي  ، فهو اكبر من طموحات السياسيين ومشاريعهم الشخصية بل هو أعظم من أطروحاتهم التي لا  تتجاوز الحد الأدنى من صبرهم على المعاناة الطويلة ، و الذي ذاق  مرارتها لأربعة عقود ،  إضافة لثمان سنوات أخرى كان على أمل  أن ينتفض رجالات الأمس حين كانوا ((معارضين)) للنظام  من هواجس البحث عن المغريات والأحلام النرجسية لتحقيق الثراء الغير المشروع ..
 
لذلك فأن ازدهار والتقدم وتحسين حالة المواطن المعيشية لا يمكن  أن يتحقق بدون حماية أمنه وامن أسرته التي تراودها الهلع والخوف مع اشتداد الخلافات السياسية بين هذه الأطراف التي تروج (( لبضاعتها )) الوطنية عند الحاجة ،وتغلق أسواقها حين تنتهي منها.. لهذا نرى لم يكد المواطن ان يستفيق من هول  أزمة معينة أصابته صدمة أخرى ليعيده إلى الخطوة الأولى التي جاءته بشق الأنفس والمصالح الدولية التي لو لاها لبقي النظام ((يناضل)) من المحيط للخليج من اجل ((الوحدة الكبرى)) مسترخصا الدم العراقي لتحقيق هذا الحلم..!
لذا فان المواطن العراقي بدا يدرك قبل غيره إن كل ما يعانيه هو أمر سياسي وخلاف  وصراع على المكاسب داخل المنطقة الخضراء المحصنة ،  فلا يمكن الحديث عن أمنه إلا بوجود نظام سياسي  يصطلح عليه حكومة وطنية تحرص على  ملء الفراغ ألامني  ، وتشدد على عامل الزمن لكي تعوض الزمن الضائع الذي اقتصر في متاهات البحث عن المكاسب الشخصية من شراء للعقارات والفنادق الفخمة في الخارج..
لقد دخلنا السنة التاسعة من عمر تحرير العراق ولا يزال كل الأطراف المشاركة في العملية السياسية تعول في خطاباتها  على مبدأ التوافق للالتفاف على ضرورات الشارع العراقي ،التي ينبغي أن يكون الجانب الأمني من أولويات أية حالة توافقية تبرمها هذه الأطراف مع الأخذ بعين الاعتبار وضع الاجهزة الامنية خارج الضغوطات السياسية لتمارس دورها بمهنية خالية من الاستغلال الحزبي   ،لان الوضع العام للوطن لم يعد يحتمل هذه ((اللعب))السياسية التي يتمسك بها الأطراف السياسية بهدف اقتناص الفرص لانتزاع المزيد من المكاسب،حتى تحولت دولتنا الى سلطة ((كارفة))للأموال التي خلقت حالة للتفاوت الطبقي بين أغنياء دو ثراء فاحش يتقلدون  المناصب  ، وبين أكثرية مغلوبة على أمرها تنتظر الحسنات من الرعاية الاجتماعية لساعات طويلة يتخللها اهانات الحراس وشتائمهم ..!!لذا فنحن اليوم أمام بنية لحكومة أشبه ما تكون بالمستودعات المركبة من الفوضى ،التي جعلت البلاد في حالة اللادولة ،لان العلاقة القائمة بين أطرافها هي ان  السلطة معناها هي الطريق لجمع المال باعتبار إن الجاه السياسي والمنصب هو مصدر الثروة ،وهذا المنصب لا يأتي أحدا إلا بالتوافق المزعوم ،بل ومن خلال المحسوبية والمنسوبية الى هذا الحزب أو تلك الطائفة التي تعد من حيث اعتقادنا القوة الاقوى في صناعة هذه الإحداث ومحركها  نحو المزيد من الكوارث ،كالتي يمر بها العراق منذ ثمان سنوات ..
وبناء على ذلك فان الحديث الذي يثيره الشارع حول مستقبل الديمقراطية في العراق يستند على ان ما أفرزتها السنوات ألثمان الماضية  من أخطاء رافقت مجريات العملية السياسية  وخلقت من المخاوف الكبيرة التي زادت من قناعة المواطن العراقي  إن المطالبة بالديمقراطية السياسية لا تنسجم مع هذا الواقع الهزيل المتمثل بقبول والانصياع للتدخلات الإقليمية في صنع القرار العراقي ،  وهي مسألة تحيطها الريبة والشكوك في كل جوانبها ..لذا فمن الطبيعي في بنية مؤسساتية كهذه أن تكثر الصراعات والنزعات التي تضيف كل يوم زعيما جديدا للبلاد فتصبح الخوف من نشوب حروب أهلية مسالة غير قابلة للجدل والنقاش ، في ظل التزايد المستمر للزعامات السياسية القبلية والطائفية..!! ولأجل الخروج من هذه المأزق لابد من الانضمام بأفق الحداثة والتغيير ، وتفعيل مبدأ المحاسبة القانونية المعطلة ،فالعديد من السياسيين المتورطون بالفساد والإرهاب يتخذون من طوائفهم ملاذا آمنا من قانون العدالة،على سبيل المثال إذا فتح ملف احدهم اعتبرته طائفته وقبيلته تجاوزا أخلاقيا بسمعتها ، وهي بطبيعة الحال خط احمر لا يمكن القبول بتجاوزه  تحت أية ظروف..!!وهذا يعني إن الديمقراطية في بلادنا تمر بأخطر مراحلها ،بعد أن تحولت  في بلاد ما بين النهرين إلى قانون التملق بالزعيم القوي الذي يفيد المحيطين به ، دون الالتزام بثوابتها الإنسانية والاجتماعية التي تضع حدا للطائفية والنزعات والفتن ، والفساد الناجم عن انعدام الروحية الوطنية التي أنقذت الشعوب من مخاطر الانزلاق إلى الهاوية .....
 
 
 
 
                                                                                 مام أراس
                                                                     




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=13261
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2012 / 01 / 17
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16