دراسات لكتب سعاد دانيال

رغم مكانتها الثقافيَّة والأدبيَّة وإصداراتها الإبداعيَّة العديدة لم يكتب عنها أيُّ ناقد وكاتب محلي في حياتها أو بعد وفاتها 

مدخل : - سأتناولُ في هذه الدراسةِ كتبها التالية :

3 ) قصَّة " الجنين " للأطفال .

وهذا الكتابُ " ذكرياتي معهُ " كتابٌ قيِّمٌ ونفيسٌ بقيمتهِ الأدبيَّةِ والفنيَّةِ والتاريخيَّة ، ففيهِ توثيقٌ وتأريخٌ لمراحلِ حياةِ الشَّاعرةِ والأديبةِ الكبيرةِ المرحومة ( سعاد بولص - دانيال " أم زاهر " ) التي ُتعتبرُ رائدة ً من روَّادِ الأدبِ والشِّعر المحلي والكاتبةَ َ الأولى في مجال ِ قصص ِ أدبِ الأطفال دون منازع - على الصَّعيد المحلي .

وقصائدُ هذا الديوان تتمحورُ وتدورُ في جميع ِ المواضيع ِ : الثقافيَّة ، الإجتماعيَّة ، الوصفيَّة ، الغزليَّة ، الوجدانيَّة ، السياسيَّة والوطنيَّة .

ِمنَ الآربيجي للبصلْ الطفل منَّا صار بَطلْ

أمين وساهر ومحمدْ بوحدتهمْ هَدُّوا جبَلْ

لا معنا سلاح ولا نارْ ضدّ الظلم والإستعمارْ

واللي ماتوُا حنَّا كثارْ والباقي يكمِّل مشوارْ ... إلخ .

 

ولكن في قصائِدها حتى البسيطة والعاميَّة التي ُكتِبَتْ لشعبها ولأطفال ِ شعبها نجدُ العمق َ والنظرة َ الفلسفيَّة َ والقوميَّة َ وطريقة َ التوعية والتثقيف الإيجابي للأطفال، وزرع روح المسؤوليَّة وكلّ المعاني الإنسانيَّة النبيلة والقيم الأخلاقيَّة والمبادىء السَّامية الشَّريفة والشعور بالإنتماء القومي العربي فيهم ، فتقول في قصيدة " إحنا الأطفال " - صفحة ( 59 ) :

( " أنا الطفل العربي بَحِب كلّ الأطفال ")

مسلم ومسيحي ودرزي ويهودي وكلّ الأديانْ

                             .وتقول: أنا الطفل الأردني وأخوي ابن الصومالْ

آكل وأشرَبْ وأتعَلَّمْ وهو المسكين جوعانْ

أنا الطفل الفلسطيني مع اتفاق السَّلامْ

علم ودولة إعطيني تنوقّفْ كلّ الكلام ")...إلخ .

هي أوَّلا ً تدعو أطفالَ شعبها الفلسطيني بجميع طوائفهِ إلى محبَّة ِ بعضهم ونبذ الطائفيَّة ، ثمَّ تركزُ الأضواءَ على القضيَّة الفلسطينيَّة ومأساة أطفال فلسطين ، وتؤكدُ أنهم مع السلام وأنهم بحاجةٍ إلى وطن وعلم ودولة واستقرار دائم فتتوقف كلُّ الآلام وتنتهي كلُّ المشاكل والحروب .

ونجدُ عند " سعاد " دائمًا ، في كتاباتها ، وخاصَّة ً المُوجَّهة للطفل النظرة َ القوميَّة ثمَّ الأمميَّة ومحبَّة الشُّعوب والتركيز على قضيَّةِ ومبدإ السلام والمحبَّة والتعاون المشترك بين جميع ِ الشُّعوب والأمم . ففي كتاباتها البسيطة للأطفال تطرحُ هذه القضايا العضيمة والهامة ، ولكن بلغةٍ وكلماتٍ مُبَسَّطة يفهمها ويدركُ فحواها وأبعادها حتى الطفل الصغير ويتأثَّرُ منها ... ويتذوَّقها الكبيرُ أيضًا .

ولننتقل إلى قصيدةٍ أخرى من الديوان وهي بعنوان " أنَّات وصرخات " - صفحة ( 54 ) - مهداة ٌ إلى روح ِ شقيقتِها " نجاة " التي توفيت عن عمرٍ يناهزُ أل (52 ) سنة - تقولُ فيها :

( " جيوشٌ من الأفكار ِ // جامحة ٌ // تهاجمني // تناديني //

تسيطرُ على مشاعري // حواسّي // تسكبُ حقدَها // تؤذيني //

باللهِ عليكِ إلى الماضي المرير // لا تعيدينِي //                . إلى الحقيقةِ المُرَّةِ // وعذابِها //

والسَّعدُ يعاديني // فلا تشدِّيني //

أتخبَّطُ أهربُ منكِ // أغوصُ في الأعماق //

أعلوُ في سماءٍ // فالخيالُ يناديني // " ) ... إلخ .

ولها قصيدة ٌ أخرى حزينة في الديوان صفحة ( 38 ) بعنوان : " الثكلى " كتبتها إلى روح ِ ابنِها " زاهي " ( وُلدَ سنة 1960 وتوفيَ سنة 1963 - عاشَ ثلاث سنوات - ) ، تقولُ فيها :

( " آهِ ما أقساكَ يا ولدي

لمْ أبخلْ عليكَ مرَّة ً

لا في الغذاءِ ولا في الدواءْ// فلماذا تتركني ؟ !!

وتقولُ : (" أشعلتََ في قلبي الحريق ْ

في قلبي جراحُ الشوك // وفي قلبي طعمُ العلقم ِ والعلّيقْ //

لتذكّرني بك // لترثيني //

حيَّة ً دونَ رحيق ْ //

وتقولُ : ( " تسبحُ روحُكَ الطاهرة ُ // بعيدة ً عنَّا

بُعدَ الدهور ِ عن اليوم // أراكَ في السَّحابْ //

في وجهِ القمر // أراك تحومُ فوقَ الصنوبر ِوالنخيل

ترفرفُ كالعصفور ِعلى غصن ِ الشَّجر ْ //

كيفَ الوصولُ إليكَ // ليتني أراكَ في الحلم " ) .

 

  1. ) عنصرُ وجانب الأمومة الثكلى المضطرمة السَّاكبة والمُطلقة زفراتها ونديبها وُنواحِها بصدقٍ ٍ وبدموع ٍ ملتهبة .

2 ) المقدرة ُ اللغويَّة والحِسُّ الفني الشاعري المُرهَف والطاقة الشعريَّة المُترعة في ألوانِها الفنيَّةِ المتعدِّدةِ - من : أفكار ومعانٍ عميقة قيِّمة وصورٍ شعريَّةٍ مُلوَّنة ٍ ومقدرة بلاغيَّة وبيانيَّة وبُعدٍ ثقافي وفلسفي وحكمي . فالقصيدةُ جاءت قمَّة ً في الرَّوعة ِ والمستوى الفني وفي بُعدِها العاطفي والنفسي وقوَّةِ تأثيرها في نفوس ِ القرَّاءِ والمستمعين .

ولنستعرض قصيدة ً أخرى من الديوان ، وهي بعنوان : " عتاب " - موجهة ٌ إلى الشَّاعر الكبير المرحوم " نزار قبَّاني " ... فتقولُ فيها :

( " يا مُحِبَّ النهودِ العاليهْ // َتذكّر دومًا // في كلِّ قصيدهْ

في كلِّ طريقْ // لا تنسى نهدًا أبيضَ // غضًّا عاليا

حتى في حلمة ِ إبريقْ // " ) .

( " يا حائكَ الأبجديَّة // صانعَ ضفائر العذارى الحسناواتْ //

تصهرُ ثورة ً // وتخمدُهَا // بلين ِ الكلماتْ

وتقولُ : ( " لماذا ؟؟ ترى المرأة َ دُمْيَة ً تارهْ //

وبساطا ً سندسيًّا تارة ً //

زنبقة ً بيضاءَ ثملة // على ضفة ِ نهرْ //

تحلمُ وتميلُ مع ِ النسَماتْ

لماذا // ُتحرِّضُها بأن تثورَ // ثمَّ تغوصُ في ثناياها

ُتدَوِّرُ النهدَ بكفَّيكَ // وَيثوُرُ العوسجُ والعُلَّيقْ

وتقولُ أيضًا : ( " أليسَ لها عندكَ // مكانة أخرى

في باخرتِكَ المُعَلَّقة // في بحر ِ الحياهْ

ُتقلِّبُ كلَّ الزوايا // أيُّ شكل ٍ وأيُّ لون ٍ

من أينَ نبدأ - بأكلها - ألا يهمُّ ! . " ).

ولننتقل إلى قصيدةٍ أخرى بعنوان : " وَرُفِعَ العلمُ " صفحة ( 69 ) - ُكتبت بمناسبةِ توقيع ِ اتفاقيَّة ِ " أوسلو " بتاريخ ( 13 / 9 / 1993 ) - والقصيدة ُ وطنيَّة ٌ وجميلة ٌ وبريئة ٌ ُتظهرُ فيها شاعرتنا فرَحَها وسعادتها بمناسبةِ رفع ِ العلم ِ الفلسطيني في غزَّة وأريحا وقيام كيان فلسطيني مستقلّ وهو حجر الأساس والنواة لتوطيدِ وتأسيس وقيام الدولة الفلسطينيَّة العتيدة .

تقولُ في القصيدة : ( " علمي يُرفرفُ ويسمُو// فوقَ هاماتِ القَدَرْ //

ولها قصيدة ٌ جميلة ٌ وهي في رثاءِ الفنَّان التشكيلي الفلسطيني الشَّهيد " ناجي العلي " - وتقولُ فيها :

( " ناجي العلي // أنطقَ الصُّوَرْ //                                         . الطفل الفلسطيني    // أنطقَ الحَجَرْ //

وانحَنَتْ لقدسِهِ // زعامة ُ الدُّوَلْ //

نَفوُهُ // حمَلَ حقائبَهُ وَرَحَلْ // ... رَحَلْ // " ) ... إلخ .

إنَّ هذه القصَّة َعلى صغرها من ناحية ِ عددِ الصفحات فهي رائعة ٌ وتثقيفيَّة ٌ ومسليَّة ٌ للأطفال وللكبار أيضًا . وللولوج ِ إلى عالم ِ الطفل ِ وكتابة ِ أدبٍ وعمل ِ فنيٍّ لهُ ليسَ بالأمر ِ الهيٍّن ِ والسهل ، لأنَّ الكتابة َ للأطفال ِ لها مواصفاتٌ وشروط ٌ خاصَّة وبحاجةٍ إلى خيال ٍ وفانتازيا أدبيَّة . وكاتبتنا " سعاد بولس - دانيال " ُتعتبرُ الكاتبة َ الأولى والرائدة َ في هذا المجال على الصعيدِ المحلي ( في نظر ِ الكثيرين ) ، فقد درستْ موضوعَ أدبِ الأطفال وعلم النفس الإجتماع ، وتعرفُ كيفَ تتعاملُ مع الطفل ... وماذا تكتبُ وتقدِّم ُ لهُ من مواد وأشياء ضروريَّة لتكونَ كما الحليب بالضبط لغذائهِ ونُمُوِّهِ ...ولكن ليسَ جسديًّا فقط ... بل فكريّاً وعقليًّا ونفسيًّا وعاطفيًّا وتوجيهًا وسُلوكًا بيبن أهلهِ وأسرتهِ ثمَّ بينَ مجتمعهِ ومحيطهِ الأوسع فيما بعد . فكاتبتنا سعاد دانيال عرفت كيفَ تدخلُ وتتوغَّل إلى عالم الطفل البريىء والجميل . فلديها خيالٌ وفانتازيا أدبيَّة ولديها أيضًا بناءٌ هورموني لصياغةِ الكلمات وعندها يكتملُ الإبداعُ كليًّا .. فقصصُ الأطفال التي تكتبها والموجَّهة إلى الطفل ِ مباشرة ً تكونُ استفزازيَّة نوعا ما وتحريضيَّة وهي وتربويَّة وتثقيفيَّة ، فاستطاعت الدخول إلى قلب الطفل وأن ترى في عينيهِ وتحلق َ في خيالهِ وتوجِّهَهُ وتقودهُ نحوَ النور والمسلك ِ الصحيح ِ ليكونَ الشَّاب الواعي والحكيم والقائدَ الواعدَ مستقبلا ً . وأسلوبُ " سعاد دانيال " الكتابي في هذه القصَّة " الجنين " تُتوِّجُهُ باللجوءِ إلى نقطةِ البدءِ في مثلثِ اهتمامها ( الجنس ) كبارًا كنا أو صغارًا ، وجاءت قصَّتُها ( الجنين ) التي نحنُ في صددها قفزة ً نوعيَّة ً أخرى ، وإضافة ً إبداعيَّة ً مميَّزة إلى نتاجِها الأدبي لتترعَ وتثري مكتبة َ الطفل ِ الفلسطيني التي تفتقرُ كثيرًا إلى هذا النوع ِ من الأدبِ الرائع والقيِّم . وفي قصَّة ( الجنين ) يقومُ ويدورُ عنصرُ الحوار بينَ الطفل " سامي " وأمِّهِ الحامل التي على وشك ِ الولادة ، وكانَ يسأل ُ أمَّهُ دائمًا عن الجنين ( الطفل لذي في بطنها ) ومتى سيخرجُ إلى النور ويكبر ويلعب معه . ففي هذه القصَّة تحاولُ الإجابة َ على أسئلةِ معظم ِ الأطفال الذين يزدادُ فضولهُم في توجيهِ الأسئلة لأمَّهاتِهِم عندما يكنَّ حواملَ عن الجنين والولادة . فتعطي دروسًا تثقيفيَّة ً بيولوجيَّة ً ثمَّ ُتظهرُ شغفَ الطفل ِ وانتظارهِ لأخيهِ الذي سَيُولدُ قريبًا ورُؤيته ... ثمَّ فيما بعد مشاركتهُ في لعبهِ لأنهُ بحاجة ٍ إلى زميل ٍ وتربٍ يشاركهُ ألعابَهُ وفرحَهُ وحياتهُ الطفوليَّة البريئة . ولكن بعد َ ولادةِ الأخ ( الطفل المولود حديثا ً ) وفي مراحل نشأته وترعرعهِ يكون اهتمام ُ الأهل ِ إليهِ ُمكثَّفا ً ( للطفل ِالقادم حديثا ً ) ويخفُّ ويضمحلُّ اهتمامُهم واعتناؤهم لولدهِم ( شقيقه الأكبر سنًّا ) ... وهذا ممَّا يؤدي إلى زيادة ِ غيرتهِ من أخيهِ ويشعرُ بالإهمال ِ وبالإجحاف وبظلم ِ الأهل ِ لهُ ... وهذا الشُّعورُ ينتابُ معظم الأطفال . فكاتبتنا ( سعاد ) استطاعت الدخولَ إلى عالم ِ الطفل ولِفكرهِ وخيالهِ وقلبهِ وصوَّرتْ بالضبط ورسَمت بالكلماتِ ما يُحِسُّ وما يفكِّرُ وما يريدُ منِ أمور ِ وأشياءٍ في هذهِ الحياة . فجسَّدتْ عوالمهُ ومحيطهُ بكتاباتها ، لأنها درسَت نفسيَّتهُ وفهمتها بشكل ٍ واسع وعميق ، كما أنها بحدِّ ذاتها إنسانة ٌ شفافة ٌ مُرْهَفة ُالحِسِّ فنانة ٌ بريئة ٌ تحملُ براءة َ الأطفال وتحبُّ مساعدة َجميع ِ الناس وتهتمُّ لمصالحِهم ونجاحِهم وسعادتهم . فبراءتها من براءة ِ الأطفال ، وشفافيَّتها ورومانسيَّتها من رومانسيَّتِهِم وعالمِهِم الملائكيِّ الشَّفاف والإنساني المثالي . وكما أنها في كتاباتِها تعطي للطفل ِ الثقافة َ والعلمَ والتفكيرَ والتأمُّلَ وتعلمهُ العديدَ من الأمورَ الحياتيَّة َ الهامَّة َ التي كانَ يجهلها ... وذلك بأسلوبٍ قصصيٍّ سهل ٍ جميل ٍ وجذ َّاب يتفهَّمُهُ الطفلُ بسهولةٍ من خلال ِ منهاج ِ وسرد ِ القصَّة ، ولكن " سعاد " تحافظ ُ في قصصِهَا على المستوى الفني والفكري وعلى اللغة ِ والجمال ِالبلاغي ، فقصصُهَا تصلحُ للكبار ِ وللصغار ِ ولا يوجدُ عندها أيُّ نوع ٍ من ركاكة ِ اللغة ِ والألفاظ ، بل لغتها سليمة وفصحى مئة بالمئة وجميلة وساحرة ودافئة ( السهل الممتنع ) ولها قيمة ٌ أدبيَّة ٌ وتربويَّة ٌ وأبعادٌ فكريَّة ٌ وثقافيَّة ٌ وفلسفيَّة ٌ وحكميَّة ٌ . فنجحت في معالجة ِ هموم ِ الطفل ِ ومشاكلهِ وقضاياه وفي الدخول ِ إلى عوالمهِ وتسليتهِ وتعليمهِ وتربيتهِ والأخذ بهِ نحوَ النور والضياءِ والطريق الصَّحيح والسليم في الحياة ومضمارها على جميع ِ الأصعدةِ : الإنسانيَّة ، التربويَّة ، والأخلاقيَّة والعلميَّة . كما أنَّ الكبيرَ يستفيدُ ويتعلَّمُ من قصصِها ويقرؤُها بشغفٍ وحبٍّ . فأسلوبُ " سعاد دانيال " مُمَيَّز ٌ ومنفردٌ ورائدٌ ورائعٌ في هذا المجال ِ ، ولا يوجدُ كاتبٌ محلّي يُضاهيها في هذا اللون الأدبي " قصص الأطفال " فهي بحقٍّ وحقيقة ٍ الكاتبة ُ الأولى في أدب ِ الأطفال ( قصة وشعر ومقالات وخواطر ... إلخ ... ) على الصعيد المحلي - داخل الحط الأخضر - ، ولكن لأسبابٍ عديدة لم تأخذ حقَّهَا من الشُّهرة ِ والإنتشار ِ ، كما يجب ، محليًّا ، مثلا ً : لأنها إنسانة ٌ مبدئيَّة ٌ وملتزمة ٌ وطنيًّا وقوميًّا وانتماءً وعروبة ً وتعتزُّ بهذا الإنتماء . كما أنها صادقة ٌ ومبدعة ٌ في كتاباتِها التي على مختلف ِ أنواعها ُتذكي الشُّعورَ الوطني والقومي في نفوس ِ الجماهير ِ العربيَّة ِ في الداخل ِ والخارجِ وتعمِّق ُ فيهم الوعيَ الثقافي والإنساني والأممي الشامل ، وربَّما لأسباب ٍ شخصيَّة أيضًا من قبل ِ بعض ِ الأطر الإعلاميَّة . وكما أنَّ هنالك جهاتٌ إعلاميَّة ٌ عديدة ٌ تعملُ محليًّا بوسائل مختلفة في التشويش والعرقلة ِ والتعتيم على كلِّ عمل ٍ أدبيٍّ وثقافيٍّ فلسطينيٍّ رائد وتقدّمي إبداعي ذي طابع ٍ قوميٍّ يحملُ رسالة ً مُثلى لخدمةِ الشَّعب الفلسطيني عامَّة والأمَّة َ العربيَّة َ وجميع القضايا الإنسانيَّة شاملة ً ، والتعتيم على أصحابهِ ورُوَّادهِ . وأنا ، شخصيًّا ، وهنالكَ العديدُ من الزملاء الكتاب والشعراء المبدئيِّين المبدعين والوطنيين القوميِّين المخلصين واجَهُوا الكثيرَ من التعتيم ِ المُبَرمَج والمقصود والتشويش على أدبهِم وانتشاره . وأنا دائمًا أعتبرُ الأديبة َ والصديقة َ والأمَّ المرحومة ( سعاد بولس - دانيال " أم زاهر ") ليست فقط الكاتبة َ الأولى محليًّا في مجال ِ أدب الأطفال ، بل كتاباتها في هذا المضمار ُتضاهي ما ُكتِبَ على صعيدِ العالم العربي ( في الدول العربيَّة ) ، وعلى الصَّعيد العالمي أيضًا.... فتستحقُّ كتاباتها ( الشِّعريَّة والنثريَّة والقصصيَّة ) أن تترجمَ للغاتٍ عالميَّة . وأنا ، بدوري ، لقد قرأتُ الكثيرَ من الأدب العربي والعالمي - والمترجم ، وخاصَّة ً أدب الأطفال ، ووجدتُ أنَّ بعضَ الكتاب ِ العالميِّين في أدب ِ وقصص ِ الأطفال لا يتفوَّقونَ أو يتميَّزونَ عن كاتبتنا ( سعاد دانيال ) من ناحيةِ المستوى الفني والأدبي والبعدِ الثقافي والتربوي ، بل هي تتفوَّق ُ على بعضهم مستوًى وإبداعًا ورسالة ً إنسانيَّة ً أمميَّة ً مثلى وسامية ً . ولكن لأسبابٍ عديدةٍ ( كالمذكورة ِ أعلاه ) حالت دونَ انتشارها وشهرتِها عربيًّا وعالميًّا . وربَّما تسنحُ الفرصُ والظروفُ مستقبلا ً وتصلُ كتاباتها وقصصُهَا إلى جهاتٍ  عربيَّةٍ مُتفهِّمة ٍ للأدبِ والفنِّ على مستوى مسؤول فتهتمُّ بإنتاجها الكتابي وترجمتهِ ونشرهِ وليصلَ إلى معظم المؤسساتِ الأدبيَّة والثقافية ووسائل الأعلام العالميَّة فيأخذ حقهُ منَ الشُّهرةِ والإنتشار العربي والعالمي .