الأرض التي يلد الإنسان فيها ثم ينشأ، هنالك حيث مُذ أول لحظة للحياة، تنبت البذرةُ، لتخضر أوراقها ثم تكبر بعد حين، هكذا بهذه الصورة يصبح للكائن الصغير مساحة من التاريخ.
الوطن عندئذ، محبته ترتسم مع اول فرحة يشعر الطفل فيها وهو يمسك حقيبته متجها صوب اول مدرسة يتعلم فيها الحروف، ليعود كما عادته كل يوم.
اخوته كما أمه وابوه وأصدقاؤه يقفون حوله يتطلعون الى سجل الملاحظات، مرشد الصف يسأل التلميذ عن إمضاء الأب، المشاعر مع درجات الإمتحان، والجيران، والمحلة، بل حتى تلك الأشجار التي تقف ماثلة، تتطلع نحو الصبي.
الأحلام تصير مثل شراع عابر، السماء، الطيور، الهواء رائحة المطر الممزوج بتراب المحبة.
كل شئ بأجزائه وذراته يتفاعل لينتج شيئا، اوموضوعا، اومسألة، اومشهدا ما.
ويمضي الزمن مثلما حكاية من الحكايات، الأفراح، الأحزان، المحبة، البكاء، الأمنيات كلها مثلما اوراق يخضع أرشيفها لمسلسل سينمائي لم تنته بعد تفاصيل احداثه.
هنالك عندما فجأة ولأسباب خارجة عن إرادة الجميع، يهاجر الأبناء بحثا عن الحياة التي تم الإعتداء عليها ذات يوم في ذلك المكان من الواقع، يبقى الأمل متوجا بكأس الكرامة، متطلعا كل حين نحو ذلك المربع من الكرة الأرضية.
الدار التي شهدت كل الخطوات، تأبى خجلا ان تتخلى عن بصمات من اطلق صرخاته الأولى في فضاءاتها، لذلك هي من أول من يبكي لحظة المغادرة-وذلك حزن يبقى عالقا فوق جدران قلبها الذي اتسع طوال هذه الحفنة من السنين وهي تحتفي أسوة بمن إلتحف تحت سقفها عبر عقارب هذه الساعة التي لم تفارق محيط حركتها الى الأبد.
هي الخيبة مفاتيحها تتحول الى وريقات نقدية، يومئذ الهوية مثلما جنسية يتم تسقيطها بغية استبدالها بجنسية اخرى.
|