طالما استمنعا وشاهدنا اغلب الساسة يضمرون فيما بينهم قضايا تصل حد الجريمة والتوغل في دم الابرياء تجلت علانية بعد مذكرة القبض الصادرة بحق نائب رئيس الجمهورية، فالمالكي يمتلك أدلة تدين الهاشمي، والهاشمي يمتلك أدلة تدين بعض الدول لم يسمها ولكنه يمتلك وثائق تشير الى ظلوع دولة مجاورة تحمل أجندة داخلية دفعت بالمالكي الى فبركة قضية الاعترافات...
علما ان الطرفين جزء مهم في العملية السياسية ويشكلون مجتمعين الحكومة العراقية، الملفات المخبأة هي عبارة عن اوراق أزمة، تحمل ميقاتا معينا، دفاعية تارة وهجومية تارة اخرى، اخفاؤها ليست لتهدئة الساحة وعدم ارباك الوضع العام، كما يحاول البعض تبرير عدم اظهارها فيما سبق، بل هي لتطويق الحق واضماره، فأي طرف من الاطراف لديه شعور وعلم بوجود هذه الملفات عند خصومه السياسيين ويتحرك ضمن هذه المساحة مع ما يمتلك من ملفات دفاعية مقابلة... والمشاهد يلحظ بسهولة طغيان ملف ما على الساحة يصل حد الذروة ثم ينتهي ويذوب دون معرفة اسباب انتهاءه، او تشغل الساحة بملف ساخن اخر، وما اكثرها، لنسيان الملف الأول.
خيانة الشعب عندما يجتهد النائب في تجاوز دماء الابرياء، فالتيار الصدري، المبادر لحل أزمة الهاشمي وأول المجتمعين به بعد استفحال الأزمة بينه وبين القضاء العراقي كان المبادر الأول في جمع الاطراف المختلفة، الهاشمي وما يحمل من ثقل اقليمي متمثلا بتركيا والسعودية والمالكي وبما يملك من مفاتيح يحرك من خلالها القضاء ويوجهه، عن طريق الملفات التي تستدعي القضاء التصرف ضمن الضوابط القانونية والأدلة الجرمية، مع اننا كنا ننتظر ان يكون التيار الصدري أول المدافعين والمطالبين بدماء الضحايا، وانا شخصيا، كنت اتوقع ان يهدد التيار الصدري والسيد مقتدى الصدر في حال تمت تسوية الخلاف دون تقديم المذنب الى العدالة فانه سيعلق حضور نوابه الى البرلمان وان يقاطع الحكومة، وسبق وان فعلها عندما كان الخلاف يدور حول ملف الخدمات وعجز الحكومة عن توفيرها للمواطن، ولكن ولغاية لم ادركها لحد اللحظة تصرف التيار الصدري عكس ما كنا نتمنى.
خيانة الشعب عندما لا يجد ثائرا يطالب بحقوقه وتذوب همومه ومعاناته حول مبادرات واجتماعات ولقاءات وصفقات جلها شخصي يعود بمنفعة بعيدة عن ما يريد الشارع، بالأمس طفق صباح الساعدي ملوحا بجناحي الملائكة يقصف بهما بواطن الشر ويعري خلالهما التصرفات المشينة والتجاوزات غير المعقولة والمسكوت عنها من قبل الجميع ولوح ببعض الملفات التي تكشف الفساد، ولكنه صمت ولم ينطق بعدها او يكشف المفسدين، كلكم تحملون ملفات ادانة لم لا تكشفوها، وتوضحوا للشارع ويكون المواطن حينها على دراية ومعرفة بما يدور من حوله..
التوجه اليوم حول تشكيل حكومة اغلبية، وهو جزء من الحل وليس كل الحل، واتسائل اذا ما تشكلت هذه الحكومة فهل سينتهي الشر ويقف الخلاف؟ ام ستجزأ الأزمة وتتحول من أزمة وصراع كتل الى أزمة وصراع كتلة؟ التحالف الوطني ليس دولة القانون فقط، يضاف لذلك الدور الاقليمي النافذ والذي لا يستهان به ولا يشجع فكرة تشكيل حكومة بلون واحد، فجل المشاكل اليوم هو الخوف المستمر من اصطباغ الحكومة بصبغة واحدة، فماذا لو تشكلت حكومة اغلبية بهذه المميزات؟ بالتأكيد ستواجه الحكومة مجموعة عراقيل وسيشتد الصراع الدولي والاقليمي في العراق، وستظهر أزمات كثيرة وكبيرة جديدة، فضلا عن تصدع جدار التحالف فأزمة عدم الثقة ممتدة الى الداخل ولم يكن المالكي صديقا مرغوبا به على طول الخط، ربما حجم الخلافات بين دولة القانون والقائمة العراقية حجب جميع الخلافات ومنها داخل بيت التحالف الوطني، ولكنها ستبرز جليا اذا ما واجه التحالف السلطة بكاملها بقضها وقضيضها.
alialgezy@yahoo.com
|