استقبل مشيطي صديقه الذي جاء لزيارة العراق , فحل ضيفا كريما عليه , ذات يوم , طلب الضيف من مشيطي ان يعرفه بالعراق , فتجولا في اماكن عديدة , في كل مكان يشرح مشيطي لضيفه , الذي كان يصغي بأنتباه شديد , حتى شعرا بالجوع , فطلب الضيف ان يقصدا مطعما شعبيا , تقدم فيه اكلات عراقية .
اصطحب مشيطي ضيفه الى مطعم تقدم فيه الفلافل , بينما هما يتناولان الطعام , بدأ الضيف يسأل عن مكونات الفلافل , بعد ان سحرته بمذاقها , وكان مشيطي يجيب بأهتمام بالغ .
أختلس الضيف نظره الى العمال في المطعم والزبائن , فشاهد رجالا يرتدون ملابس غريبة , لم يرها من قبل , فاستفسر من مشيطي عنهم , فقال له :
- انهم اخوتنا من الاكراد , وهم جزء لا يتجزأ من ابناء شعبنا .
لم يكن الضيف يعرف الاكراد من ذي قبل , فنظر الى بعض العاملين , ولاحظ انهم يتكلمون بلغة لم يعهدها , فوجه سؤاله الى مشيطي , من هؤلاء ؟ , وبأي لغة يتكلمون ؟ .
- انهم اخوتنا المسيحيون .. بعضهم يتكلم السريانية اوالكلدانية اوغيرها من لغاتهم التي ورثوها عن ابائهم واجدادهم .
- انهم يعملون جنبا الى جنب مع إخوتهم العمال المسلمين .. دون تمييز !
- ان المسيحيين جزء لا يتجزأ من ابناء شعبنا .
استرسل مشيطي بشرح واف عن كل الموجودين في المطعم من العمال والزبائن , مبينا للضيف قومياتهم وطوائفهم , مذاهبهم واتجاهاتهم , معتقداتهم وافكارهم , الى ان وصل به المقام :
- جميع هؤلاء يمثلون الطيف العراقي .
- انهم كالفسيفساء ! .
بعد ان انتهوا من تناول الفلافل , بادر مشيطي ان يدفع الحساب , فقاطعه رجل كردي حينما علم ان معه زائر من بلد بعيد :
- حسابكم عليّ .
- لا ما يصير .
تقدم رجل اخر , فيما يبدو انه مسيحي فقال :
- لا عليك ولا عليه .. حسابكم عليّ !
وجاء رجل اخر واخر , كل يقول (( حسابهم عليّ ! )) , وهكذا دفع احدهم الحساب برحابة صدر , ما ان خرجا من المطعم , سأل مشيطي ضيفه عن الصورة التي تكونت في ذهنه عن العراق وشعبه , فقال الضيف :
- العراق مثل لفة الفلافل ... اذا نقصت احدى مكوناتها .. فسد مذاقها .. وقلّت فائدتها ! . |