قد تبدو قمة مجموعة العشرين وكأنها فرصة للحصول على غفوة لأولئك الذين لا يريدون متابعة الأخبار السياسية والاقتصادية
ولكن القمة، هذه السنة، التي بدأت، الجمعة، في بيونس اَيرس في الأرجنتين ستحظى بمزيد من الدراما أكثر من أخبار مشاهير هوليوود.
ومع وجود 19 من قادة العالم، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، كان هناك الكثير من الحديث عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وكيفية تأثر حركة التجارة بعد هذا الانسحاب الوشيك، والتوترات المتوقعة للعملية، وكما هو متوقع، فقد تحدث الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، مع ولي العهد السعودية، محمد بن سلمان بنعومة غير مألوفة بسبب عشقه للحكام المستبدين وصفقات الاسلحة في حين تحدث بشكل صارم مع حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا واَسيا وأمريكا الشمالية حول تعريفات الصلب مع تهديد كل”الاصدقاء”، الذين يرغبون بالتعامل تجاريا واقتصاديا مع إيران.
وواصل ترامب تعليقاته غير المرغوبة عن كره التعددية، مثل تصريحاته السابقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الماضي، وتصميمه على تحقيق شعار” أمريكا أولا” في اجتماع أممي مهم.
ما الذي جعل من هذه القمة حدثا استثنائياً هذا العالم؟، وفقا للعديد من المحللين، هناك عدة قضايا مثيرة للاهتمام في اجتماع بيونس اَيرس هذا العام، فالحرب التجارية المستعرة التي يقودها ترامب ضد الصين لا تسير على ما يرام بالنسبة إلى أي شخص، على الأقل، بالنسبة إلى الأمريكيين،، فقد كانت الصين سوقاً رئيسية للمنتجات الزراعية الأمريكية، مثل فول الصويا والذرة والقطن واللحوم والقمح، ولكن مع التعريفات التي فرضها ترامب على الصين في محاولة لخفض العجز التجاري، فقد جفت تلك السوق.
وازدادت حالات العجز منذ بداية الحرب التجارية التي بدأها ترامب إلى مستويات تاريخية، وراقب المزارعون محاصيلهم المتعفنة في حقولهم، واضطرت الإدارة الأمريكية حتى الآن إلى دفع نحو 900 مليون دولار للمزارعين من الإعانات البالغة 4.7 مليار دولار،التي وافقت عليها لمساعدة المزارعين، كما تضرر التصنيع الأمريكي بشدة، حيث وصل إلى أدنى مستوى له في ستة أشهر في أكتوبر.
وكانت القمة على غير العادة فرصة لاستعراض العضلات بطريقة غير مريحة بين الولايات المتحدة وروسيا بعد أن فتحت موسكو النار على السفن الأوكرانية التي كانت تحاول عبور المعبر بين البحر الأسود وبحر اَزوف حيث تم تجاهل رد الولايات المتحدة مما دفع ترامب إلى إلغاء اجتماعه المقرر مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين بسبب الانتهاكات الروسية الفظة لمنطقة أوكرانية سيادية.
وبالنسبة إلى السعودية، التي اعتادت على صورة سيئة جدا في العالم- قطع رؤوس السجناء بهدوء، اختطاف رجال الأعمال، تعذيب النشطاء- فقد ظهرت السعودية في الأشهر الأخيرة في صورة اسوأ ليس لها مثيل، إذا استمرت البلاد في قصف أهداف مدنية في اليمن، بما في ذلك حافة مدرسية مليئة بالأطفال، في وضح النهار واستخدام التجويع كأداة حرب، أما البلد المضيف للقمة، الأرجنتين، فقد اضطرت إلى دراسة تهم الحرب ضد المملكة، خاصة مع الأدلة المتزايدة على أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، أمر بالقتل الشنيع للصحافي، جمال خاشقجي، وهي جريمة القتل التي روعت العالم واثارت موجة من الغضب ضد البلاد، وقد يكون ترامب هو الصديق الوحيد لبن سلمان في القمة بسبب رغبته في استخدام السعودية في حربه المقبلة على ايران إلا أن تركيا التي يمثلها الرئيس، رجب طيب أردوغان، ستنظر بعيون سوداء على هذا الثنائي.
وتحوم ظلال العلاقات بين الولايات المتحدة والمكسيك على أجواء القمة، فما يحدث على الحدود بين البلدين هو أمر لا يمكن تجاهله إذ تريد الولايات المتحدة من المكسيك الاحتفاظ بأكبر قدر ممكن من طالبي اللجوء الذين فروا من هندوراس والسلفادور وكولومبيا بسبب العنف والفقر في حين تحاول المكسيك التعامل مع القوافل الكبيرة من المهاجرين، مما يزيد العبء في النهاية على الاقتصاد المنهك للبلاد.
|