كل محاولاته في سبيل بناء فكر وعقيدة ابن أخيه « محمد » ذهبت سدى ، فلم يترك محاولة إلا وفعلها لأجل أن يصغي له ويحدثه عن القضايا الفكرية والعقائدية ، ولكن طيش الشباب وكثرة المشاغل التي تشغل الشباب تكون حائلاً بينه وبين محمد . محمد الشاب المؤمن الجميل ذو العقدين من عمره [20 سنة] ، الذي ترعرع في عائلة تنبثق منها رائحة الإيمان ويشع منها نور العلم ، ولكن محمد حاله كحال غيره من شباب في هذا الزمان ! وأي زمان هذا ! الذي يكون المؤمن القابض على عقيدته فيه كالقابض على جمرة ! الشباب الأكاديمي الذي يريد الكل منه أن يكون آلة بيده ، فأدعياء الثقافة والتنوير من جهة ، وأدعياء العلمانية من جهة أخرى ، ودعاة التحلل الخلقي وعدم الالتزام بالدين تحت عنوان «الحرية» من جهة ثالثة ، وأدعياء التدين من المنحرفين فكرياً وعقائدياً من جهة رابعة ، وهذه الأخيرة أشدها ، لأن السابقات حربها ضد الدين واضح أما الأخيرة فهي تحارب الدين باسم الدين ، فأي مصيبة هذه ! أما عم محمد فهو « مهدي » الرجل المؤمن والقارئ الشغوف بالكتب ، والذي لا ينام ليلة من اليالي إلا وقد أغلق الكتاب ووضعه عند رأسه ثم ينام ، الذي خاض في التجارب الشخصية وقرأ تجارب الأمم السابقة حتى اكتسب خبرة قرون . مهدي المدرس الأكاديمي لمادة الإسلامية في مدرسة ثانوية ، والذي يحبه كل من يعرفه ، وينتظر الجميع كلماته لما تحتوي على حكم وعبر ، ولما فيها من مواعظ وتذكير بالآخرة ، أو تحريك للذهن والفكر . مهدي ذو أربعة عقود وكل ما تذكر ابن أخيه يؤنبه ضميره ، ويكلم نفسه : أنا أُعلّم الناس واكشف لهم الطريق الصحيح ، وأبين لهم عقائد أهل البيت عليهم السلام الصحيحة فما بالي لا أقدر أن أْبينها لمحمد ! ما بالي كل ما أردت أن أبدأ معه بطريقة جديدة يهرب من يدي وتذهب كل جهودي هباءً منثورا ! . وفي أيام محرم الحرام حيث كان محمد في عطلة الجامعة الصيفية ، كان مهدي يتحسر وتبدأ الأفكار السوداوية تحول في خاطره كلما شاهد ابن أخيه محمد قريبا منه بجسده بعيدا عنه بعقله وروحه ، ولكن هذه المرة جاءت فكرة جديدة لم يستخدمها سابقا وتأكد أنها الحل الوحيد لمشكلته بعد أن لم يدع طريقة إلا وجربها ! [ #برأيك ما هي الفكرة التي وجدها مهدي لأجل أن يجعل ابن أخيه محمد يسمعه ويتعلم على يديه عقائد أهل البيت عليهم السلام بالأدلة الواضحة والبراهين الساطعة ؟! ] #قصة_وليال_عشر
|