• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : تُرجمان القلب ورَسول العَقل... .
                          • الكاتب : عبدالاله الشبيبي .

تُرجمان القلب ورَسول العَقل...

في حديث للإمام محمد الجواد عليه السلام يقول فيه: الجمال في اللسان، والكمال في العقل. نعم إن الجمال والكمال هما زينة الحياة وبهما يستقيم أمر المرء وينطلق نحو التواصل والسعادة، فان كان مُتحلي بهما أي الجمال والكمال فروحاً وريحان وجنة النعيم، وان كان لا سيؤدي بنفسه نحو الضياع والهلاك. وهذا مُتأتي من حسن استخدم اللسان والعقل وما ينطق به فهو من يسوق نفسه الى الخير او الشر، الحسن او القبح، التقوى والصلاح او الانحراف والفساد، تحت أمرت العقل وسيادته، وكما قيل العقل أمير واللسان وزير فاستشر الأمير أيها الوزير، وإلا هلك الأمير والوزير.
لا شك أنّ اللّسان هو نافذة الرّوح، وهو يعني أنّ شخصيّة الإنسان مخبوءةٌ تحت لِسانِه، وبالعكس فإنّ كلمات كلّ إنسان لها دورٌ في بلورة وصياغة روحه ونفسيّته، فالتّأثير بين الكلام وشخصيّة المتكلم، هو تأثيرٌ مُتقابلٌ.
والآية الوحيدة التي تناولت، علاقة اللّسان بالفكر والأخلاق، هي قوله تعالى: ﴿وَلَوْ نَشَاءُ لاَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيَماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾، بالشّكل الذي يشخّص معها الإنسان، ما يدور في خُلد طَرفه المقابل، عن طريق حديثه وكلامه معه، ولذلك فإنّ الإنسان، سعى قديماً وحديثاً للتّركيز على هذا الأمر، لمعرفة خبايا وبواطن الرّجال عن طريق المحادثة والطّب النّفسي. المصدر: الأخلاق في القران.
وقد ورد: ما أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيئَاً إلاّ ظَهَرَ فِي فَلَتاتِ لِسانِهِ وَصَفَحاتِ وَجِهِهِ. فهذا الحديث يمكن أن يكون أساس الطبّ والعلوم النّفسية، والحقيقة أنّ اللّسان هو مرآة الرّوح.
وقد قال الإمام علي (عليه السلام): إن في الإنسان عشر خصال يظهرها لسانه: شاهد يخبر عن الضمير، وحاكم يفصل بين الخطاب، وناطق يرد به الجواب، وشافع يدرك به الحاجة، وواصف يعرف به الأشياء، وأمير يأمر بالحسن، وواعظ ينهى عن القبيح، ومعز تسكن به الأحزان، وحاضر تجلى به الضغائن، ومونق تلتذ به الأسماع.
عنه أيضاً: لا عدّة أنفع من العقل، ولا عدوّ أضرّ من الجهل، وقال: زينة الرجل عقله، وقال: من لم يكن أكثر ما فيه عقله كان بأكثر ما فيه قتله، وقال: العقول ذخائر والأعمال كنوز، وقال: من ترك الاستماع من ذوي العقول مات عقله.
وقد أكتسب مبحث إصلاح اللّسان، أهميّةً بالغةً في الأبحاث الأخلاقيّة باعتباره، تُرجمان القلب ورَسول العَقل، ومفتاح شخصيّة الإنسان، ونافذة الرّوح على آفاق الواقع.
إنّ ما يرتسم على صفحات الرّوح والنّفس، يظهر قبل كلّ شيء على فَلتات اللّسان، واللّطيف في الأمر أنّ قُدامى الأطباء، كانوا يُشخّصون المرض، ويتعرّفون على سلامة الشّخص ومزاجه عن طريق اللّسان، فَلَم تكن عندهم هذه الإمكانيّات المعقدّة التي بأيدينا اليوم، فالطّبيب الحاذق، كان يتحرك في عمليّة تشخيصه، لأمراض الباطن عن طريق اللسان، حيث يَنكشِف له من خلال ظاهر اللّسان ولونه، الأمراض الكامنة في خَبايا جسم صاحبه. المصدر: الأخلاق في القران.
وقد يسهب اللسان في الأخذ والعطى ولم يعن صاحبه في تحصيل السلامه وما يصبوا اليه، يقولون لسانك حسانك ان صنته صانك وان خنته خانك، أي اذا استعطت التحكم به وقيادته بصورة صحيحة، كما قيل ليس من شيء أطيب من اللسان والقلب اذا طابا ولا أخبث منهما اذا خبثا... وثمّة قصّة معروفة عن لقمان الحكيم، وهي أنّ مولاه دعاه، فقال: اذبح شاة، فأتني بأطيب مضغتين منها، فذبح شاة، وأتاه بالقلب واللسان. وبعد عدّة أيّام أمره أن يذبح شاة، ويأتيه بأخبث أعضائها، فذبح شاة وأتاه بالقلب واللسان، فتعجّب وسأله عن ذلك فقال: إنّ القلب واللسان إذا طهّرا فهما أطيب من كلّ شيء، وإذا خبثا كانا أخبث من كلّ شيء
إِياكَ والكَلامَ في ما لا تَعْرِفُ طَرِيقَتَهُ وَلا تَعْلَمَ حَقِيقَتَهُ فَأنَّ قَولَكَ يَدُلُّ عَلى عَقْلِكَ وَعِبادَتِكَ تُنْبَؤُ عَنْ مَعْرِفَتِكَ. والحقيقة أنّ اللّسان له دور حيوي وفعّال، في حياة الإنسان وبناء شخصيته، وهو أمرٌ لا يخفى على أحد، وله أصداءٌ واسعةٌ في الرّوايات الإسلاميّة.
وعليه عود لسانك قول الخير تنج به، فمن زلة اللفظ لا من زلة القدم، واحرز كلامك من خل تنادمه إن الندم لمشتق من الندم، فلا يستقيم إيمان الإنسان حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه، وهناك أشخاص سلاحهم العقل والحكمة وحسن التصرف في ألسنتهم، وضربتهم القاضية التأمل والتدبر في قولهم قبل النطق به.
وهناك علاقة عكسية بين اللسان والقلب، إن اللسان هو أشد الجوارح تأثيراً في القلب وصحته ومرضه، ولذا كانت استقامة اللسان مفضية إلى استقامة القلب المفضية بدورها إلى استقامة الإيمان. المصدر: جهاد الجوارح.
وعن الإمام الصادق عليه السلام قال: قال رسول الله(ص): يعذب الله اللسان بعذاب لا يعذب به شيئاً من الجوارح فيقول أي رب عذبتني بعذاب لم تعذب به شيئاً فيقال له خرجت منك كلمة فبلغت مشارق الأرض ومغاربها فسفك بها الدم الحرام وانتهب بها المال الحرام وانتهك بها الفرج الحرام وعزتي وجلالي لأعذبنك بعذاب لا أعذب به شيئاً من جوارحك.




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=123672
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 08 / 15
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 16