• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : سلسلة_الحجج الحلقة الثالثة ( إثبات حُجيّة العقل ) .
                          • الكاتب : ابو تراب مولاي .

سلسلة_الحجج الحلقة الثالثة ( إثبات حُجيّة العقل )

تقدّم في الحلقة الثانيّة أنّ الناسَ اختلفوا في حُجيّة العقل سلباً متطرّفاً وإيجباً متطرّفاً !! وكلا الإتجاهَين على خطأ .. 
وذلك :
أما القول بأنّ العقل ليس حجةً في المعارف الدينية أو في الفروع خاصة ، فهو ليس بصحيح !

🔰 والصحيح :
إنّ أحكام العقل نقسّمها إلى قسمين :
أ . الأحكام الظنيّة ، وهي ما دون العلم والاطمئنان .
وهذه الأحكام ليست حُجة ، كون الظن " العام " (١) لا دليل على حجّيته ، بل ورد سلب الحُجية عنه ، قال تعالى : ( وَمَا يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا ۚ إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ) يونس ٣٦ .
ب . الأحكام القطعية ، وهي الأحكام التي وصل الاعتقاد بها إلى مرحلة العلم وقد يُلحق به الاطمئنان .
وهذه الأحكام حجّة ، وذلك لأن للعلم خصوصية ، وهي المحرّكية نحو الشيء المطلوب إذا عُلِم ، فمثلاً : إنّ العاقل إذا احتمل أنّ الشيء الفلاني مطلوبٌ منه "من قِبَلِ مولاه" (٢)  فإنه لا تكون الحركة نحو ذلك المطلوب - بفعل الإحتمال - لازمة ، وذلك لأن هذا الاحتمال لا يوصل التكليف إلى الإنسان ، وما دام التكليف غير واصل إلى الإنسان لا يصح - عقلاً - عقابُه على تكليفٍ لم يصله ، ويؤيد (٣) هذا المسلك (٤) قوله تعالى : ( وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولًا ) الإسراء ١٥ ، والرسول في الآية الكريمة مثالٌ لإيصال التكليف إلى الإنسان ، بينما إذا علم بمطلوب المولى ، فإنّ الحركة نحو المطلوب تكونُ لازمة ، كون التكليف قد وصل إلى المكلّف ، فيستحق العقاب مع التفريط بإتيانه .
وهذا هو معنى حجيّة العلم .

ويؤيد حجية الحكم العقلي القطعي الكثير من النصوص القرآنية وغيرها ، قال تعالى : ( وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَك َمِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ) البقرة ١٢٠ .

🔰 ولو قيل : بأنّ الاحتمال (الظن) أيضاً حُجّة للقاعدة التي تقول : ( يجب دفع الضرر المحتمل ) .
قلتُ : إنّ هذا الوجوب ليس لحجيّة الظن بل لقوّة المُحتَمَل ( أعني عِظَم الضرر ) بدليل لو كان الضرر المحتمل ضعيفاً لما وجب دفعُه ، ففرقٌ بين ضرر لسعة البقّ ولدغة الأفعى .

وأما القول بأنّ العقل حجّة دائماً فسيأتي البحث عنه في الحلقة الرابعة إن شاء الله تعالى .
____________________
١) معنى الظن العام هو الظن الذي لم يقم الدليل على حُجيّته ، وهو في قبال الظن الخاص الذي قام الدليل على حجيّته كخبر الواحد الثقة .
٢) المولى هو من تجب طاعته وهو الله تعالى ومن أوجب طاعته كالمعصوم (ع) .
٣) قلنا : يؤيد ولم نقل : يدل .. لأن القواعد العقلية لا يُستدل لها بالنصوص الشرعية ، لذلك تكون النصوص مؤيدة .
٤ إشارة إلى المسلك الآخر وهو مسلك حق الطاعة الذي يفترض أنّ احتمال تكليف المولى الحقيقي حجة أيضاً على تفصيلٍ في محله ،  وهذا المسلك بخلاف ما بنينا عليه وهو ( قبح العقاب بلا بيان ) .




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=123239
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 08 / 04
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15