أربعون يوماً مرت على رحيل الداعية الكبير الدكتور جابر العطا (رحمه الله) الذي لم يلقى من العناية والاهتمام بما يليق بشخصيته الفذة المجاهدة الكبيرة.
في هذا المقال أحببت أن أسجل نقاط التشابه بين الدكتور العطا مؤسس حزب الدعوة الإسلامية وبين الدكتور نجم الدين ارباكان مؤسس حزب العدالة والتنمية التركي.
ـ فالرجلان مناضلان من الطراز الأول.
ـ داعيتان بأمتياز.
ـ مؤسسان لحزبان عريقان.
ـ يحملان شهادة أكاديمية محترمة.
ـ وصل أجيال حزبيهما إلى أعلى سلطة في بلديهما.
ربما الفرق الواضح بين الشخصيتين هي أن ارباكان وصل الى منصب رئيس وزراء تركيا، بعكس العطا الذي منعه عن ذلك تسلط حزب البعث الواحد على السلطة في العراق، وتقدم عمر الدكتور العطا واعتلال صحته بعد سقوط الدكتاتورية في العراق في 2003 والذي منعه من الجهاد السياسي.
والفرق الأوضح بين الشخصيتين هي طريقة التشييع فقد ((نقلت وسائل الإعلام التركية أن أكثر من ملايين من الجماهير حضر مراسم تشييع رئيس الوزراء التركي الأسبق نجم الدين أرباكان. وجرى مراسم التشييع بحضور كل من رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ورئيس الجمهورية عبدالله غل وزعيم الحزب المعارض دولت باهجيلي وسلسلة كاملة من الوزراء.وحفلة الوداع في مسجد فاتح تلت مراسم التشييع في مقبرة مركز افندي في اسطنبول)).
وفوق هذا كله جلس رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في مجلس فاتحة ارباكان ورتل بصوته الجهوري الشجي آيات من الذكر الحكيم على روح الفقيد ويوجد تسجيل فديوي لهذا الترتيل متوفر على موقع "اليوتيوب".
أقول: ما هو المغزى من هذا كله؟
أنا أعتقد إن اردوغان وغول حتى وان لم يكونا في هذه المناصب الحكومية المتقدمة فإنهما سيخرجان ويشيعيان مؤسس حزبهما ارباكان، ولكن هناك فرقٌ كبير بين أن تشيع شخصاً وانت بدون منصب حكومي رفيع وعندما تشيع شخصاً وانت مثلاً صاحب أعلى منصب في بلدك.
فقد استطاع اروغان وكذلك غول ـ حسب فهمي ـ من أن يعطيا شخص اربكان أهمية مضاعفة عندما خرجا في تشييعه بحضور العشرات من وسائل الاعلام المختلفة التي ترصد حركة صاحب أعلى منصب في بلد مهم مثل تركيا.
فقد أوصل اردوغان بذلك رسالة إلى الأجيال الصاعدة في تركيا وفي كل العالم تقول: "إذا لم تسنح لكم الفرصة لمعرفة "ارباكان" عن قرب فعليكم اليوم ان تتعرفوا على هذه الشخصية وتدركوا مدى ثقلها التاريخي".
في مقابل ذلك نشاهد صورة مغايرة لتشييع عراقي فقير ومخجل للداعية العطا الذي شُيع من قبل أنفار قليلة، دون حضور رئيس وزراء العراق الأمين العام للحزب الذي أسسه الراحل العطا، ولم نرى حضور أي شخصية رفيعة المنصب من أعضاء حزب الدعوة في تشييع الفقيد سوى رئيس مجلس محافظة بغداد كامل الزيدي.
وربما من المفارقات العجيبة في رحيل هذا الداعية الرباني انه خضع لانشقاقات حزبه التي هو بريء منها براءة الذئب من دم يوسف، حيث نسبه حزب الدعوة/تنظيم العراق إليه واعتبره واحد من قياداته، كما أن فضائية "آفاق" الناطقة باسم حزب الدعوة/المقر العام لم تعلن الحداد ولم تشير الى رحيل الدكتور العطا إلا بشكل مقتضب جداً.
لم استغرب خروج طاغية مصر المخلوع حسني مبارك على رأس قائمة المشيعين لجنازة الأديب المصري المعروف "نجيب محفوظ" ولكني أستغرب جداً لعدم خروج رئيس وزراء بلدي في تشييع جثمان شيخ بغداد العلامة الكبير "حسين علي محفوظ"، وكذلك في تشييع الداعية الكبير جابر العطا. وعليه فإني لا أظن بأن علماء ومفكري وفلاسفة بلدي سيحضون بتشييع مهيب بعد رحليهم عن هذه الدنيا بعد عمر طويل.
azheralsaher77@yahoo.com |