أبقى رئيس الوزراء الأردني المكلف الدكتور عمر الرزاز مشاوراته بخصوص الطاقم الوزاري قيد الكتمان والكمون التكتيكي، ولم يزر حتى مساء الأربعاء السلطة التشريعية حسب المألوف، ورسالته الأولى للرأي العام برزت من خلال نوايا «التركيز» على الوزارة التي قفز منها للرئاسة وهي التربية والتعليم.
وأظهر الرزاز مسبقا ميله للإبلاغ والتوضيح عبر «التواصل الاجتماعي»، وكما أمر الملك عبد الله الثاني، عندما نشر تغريدة حول أول زيارة رسمية قام بها بصفته رئيسا للوزراء لمقر التربية والتعليم، معلنا أن سياسة هذه الوزارة كما كانت ستستمر وضمن البرنامج السابق وستحظى بالأولوية، في إشارة يمكن أن تؤدي لاحتفاظ الرجل بملف التربية والتعليم أو ربطه به مباشرة.
لاحقا وقبل أي شيء آخر تعهد الرزاز عبر تويتر أيضا بما سماه «إقامة عقد اجتماعي واضح» بين الحكومة والمواطن على أساس الحقوق والواجبات، وهي صيغة يتبناها لأول مرة رئيس حكومة في التاريخ الأردني السياسي، وكان الرزاز دوما يتحدث عنها في الماضي ونشط الحراك أصلا في تذكيره بالأمر.
ووضع الرزاز أيضا مسافة ملموسة بين حكومته وبين الكلمة التي ترددت ملايين المرات في عهد الحكومة السابقة، عندما تعهد بحوار يعيد صياغة قانون الضريبة و«يتجاوز الجباية وينصف الجميع»، حيث رفع الشارع أيضا عشرات المرات شعارا يقول» لا للجباية».
وبهذا المعنى «غازل» الرزاز ببرقيات سريعة هتافات الشارع وفي أكثر من موقع، قبل الدخول لمرحلة تسمية وكشف هوية الرموز الوزارية والطاقم ، والتي يعتقد أنها «الأصعب» وسط شارع مضطرب وبسقف مرتفع.
أن رئيس الوزراء «يتمهل» في اختيار أسماء الوزراء ويتعرض لضغوط أيضا من مراكز القوى، لكنه يقاومها وبصلابة ويأمل بـ«تركيبة» لا تسمح ببقاء الحراكات في الشارع لمدة طويلة عندما تبدأ حكومته بالعمل.
ويحفل الشارع السياسي بأسماء قيد التكهن، لكن الرزاز قد لا يعلن الأسماء قبل التشاور مع مجلسي الأعيان والنواب حسب البروتوكول المعتاد، وإن كانت بعض القوى البيروقراطية سجلت محاولات مبكرة للشغب، حيث أعلن رئيس ديوان التشريع في رئاسة الحكومة نوفان العجارمة، وهو بالمناسبة «مطلوب في الشارع للإطاحة به» بأن الرزاز لا يملك سحب قانون الضريبة لأنه لم يؤد بعد اليمين الدستورية.
ورد الرزاز نفسه بطريقته على تصريحات العجارمة الذي كان مواليا لسلفه الدكتور هاني الملقي وبذكاء عندما أقر عبر تويتر بصيغة «العمل على قانون جديد منصف ويتجاوز الجباية»، بمعنى إبلاغ الراي العام بأنه يتجاوب مع الحراك وفي طريقه «لدفن» القانون الذي أقام الدنيا ولم يقعدها بعد.
وسبق للهتافات أن طالت العجارمة نفسه عندما أفتى بمخالفة الإضراب للقانون، وهدد الموظفين في حال المشاركة به، الأمر الذي جعله في خصومة مع الشارع.
إلى ذلك تكشفت «ضغوط غامضة» على قادة النقابات المهنية عندما صاح آلاف المتظاهرين ضد رئيس مجلس النقباء الدكتور علي العبوس وهو يعلن «التراجع عن إجراءات التصعيد لإفساح المجال امام الحكومة الجديدة».
في تلك اللحظة فوجئ العبوس وزملاؤه قادة النقابات بصوت الجمهور يهتف «باعوها… باعوها»، وحصل بعض الارتباك، فاضطر النقباء للتراجع عن قرارهم والعودة عن قرار وقف الإجراءات والاستمرار فيها إلى أن يسقط تماما قانون الضريبة الجديد.
وأظهر الشارع هنا على هامش «التكشيرة» ضد قادة النقابات أنه لن يقدم «خصومات» أو تنزيلات بحجة «إفساح المجال للحكومة الجديدة»، الأمر الذي لم يطلبه اصلا الرزاز نفسه لا من الشارع ولا من النقابات المهنية، وسط قناعة التيار القريب منه بأن الشارع ينبغي أن يبقى في حالة داعمة للوزارة الجديدة، على الأقل خلال مرحلة تحضيرات الأسماء وصياغة البيان الوزاري، في «تكتيك» ضمني يستعين به الرزاز في الشارع ضد مراكز قوى بدأت تحاول إعاقة تجربته.
والتقط شباب الحراك الإشارة عبر إعلان مبكر بعنوان» إفطارك على الدوار» في دعوة لاستمرار التظاهر في منطقة الدوار الرابع قبل دخول الرزاز لمقر الرئاسة ولكن مع إفطار بمناسبة الأسبوع الأول من التصعيد.
وعلى صعيد الأسماء لا توجد مستجدات علنية، حيث يحتفظ الرئيس بالأوراق، وبصورة مباشرة من أن وزير البلاط الأسبق الذي تردد اسمه عدة مرات الدكتور مروان المعشر «لن يعود» وليس بصدد التفكير بالعودة لأي وزارة.
|