لكل انسان مواقف يغزل خيوطها مع ناسه وأهله، ومواقف صديقي الشهيد الراقد في هذا التابوت كبيرة يا سيدي، احمل نبضه حيا في خاطري، مقاتل على سواتر الشرف يحلم أن أحمله شهيدا اليك يزور، وها هو على أعتاب حضرتك يا مولاي يا أبا الفضل استحلفك بالله عليك، بعزة اختك زينب، ارفع كفيك بالدعاء، وأن تشفع له بالرضى والنعيم .
ها هو من بصم بيقظته لحظات الوداع، كان صديقي الشهيد رزاق محتون الراجحي، من ابطال الانتفاضة الشعبانية في عام 1991 في ميسان كان يحب دائماً ان يستذكر تلك المواقف الحامية التي عاشها أيام المواجهة، يرويها لنا وهو على سواتر العز والشرف وهو يواصل السيرة بذاتها، كان صديقي رزاق شمسا حقيقية توهجت في الجبهة، وعند حياطين الصد، قرى ومدن تفوح بنهارات الموت، ونهارات معطلة بسبب مراصد الموت وقناصة لا يشبعون من اقتناص ضحاياهم ويطمعون في المزيد، وبيوت القرى المهجورة أشبه بالمقابر وهو يحلم بالمحبة والسلام.
يسألني: متى ستحرر تلك القرى، ليعود الناس الى بيوتهم، نعم سيدي يا أبا الفضل العباس، أقدم اليك صديقي الشهيد رزاق محتون وأنا أتذكر ما عانى بعد الانتفاضة الشعبانية من سجن وتعذيب وحكم مدى الحياة ولم يرجع الى مدينته العمار من اجل منصب تم تهيئته له ولا من أجل جاه قد يحول بينه وبين خدمة المجتمع بصورته المرسومة في رأسه، كان يدرك منذ طفولته انه يلبي نداء الفداء المبارك، التي لم تكن صورته ولا احداثه واضحة، لكنه يدرك تماما انه مثلما تصدى لأنظمة الجور والطغيان سيعود هذا الطغيان بثوب آخر أو بوجه آخر يجيئنا بأحلامه المريضة ولابد لقيادة المرجعية ان تحمل شعار أئمة الخير، وتدافع عن كيان الدين والعرض، دائرته الوظيفية يا سيدي منعت التحاقه للحشد واعتبرته غائبا، كانت أمانيه أكبر من وظيفة وراتب، يمني النفس يا مولاي يا أبا الفضل العباس بالنصر أو الشهادة، والسبيل لديه تحقيق مرضاة الله، لقد أخذت روحه بالبحث عن الفراديس المتنورة بمحبتكم يامولاي، يقول:ـ ليتني حضرت الطف لأقاتل تحت راية مولاي العباس.. ها هو جاءك اليوم شهيدا، وترك في خيام أهل القيم ستة براعم، كلهم يتأملون قربة جودك بالدعاء والشفاعة.
|