سؤال متكرر يوجهه لي الأصدقاء وطلبتي يوميا، يبحثون عن جواب مقنع وشافي يخرجهم من حيرتهم، فهم يعلمون بأن الدورات الأنتخابية السابقة لم تحسن وضع العراق بل زادت مشكلاته للأسؤ، ويعلمون بأن الفساد أصبح ظاهرة طبيعية تتستر عليه المحاصصة، ويعلمون بأن الأنتخابات ستزور كما زورت في الدورات السابقة، ويعلمون بأن تغيير الأحزاب الحاكمة الفاسدة أصبح أملا مفقودا. ولذا يشككون من جدوى مشاركتهم في الأنتخابات، ويطرحون هذا السؤال هل نشارك في الأنتخابات؟.
جوابي دائما لهم بأن المشاركة في الأنتخابات أمر لازم وواجب وضروري وذلك للأسباب التالية:
١- من الجانب الاستراتيجي: تعتبر الأنتخابات فرصة للتغيير إذا أستغلها الشعب العراقي بشكل صحيح، وعرف كيف يختار المرشح الأفضل، وهذه الفرصة قد لا تتكرر الا بعد أربعة سنوات القادمة، فعلى الشعب العراقي بذل جهده في هذه الأنتخابات لأنقاذ نفسه والخروج من هذه المحنة.
٢- من الجانب القانوني: عدم مشاركة أغلب الشعب العراقي في الأنتخابات سيجعل الحصول على المقاعد البرلمانية أمر سهل بدون منافسة حقيقية، وسيسهل عودة الاحزاب الفاسدة من جديد.
٣- من الجانب السياسي: يلزم على الأغلبية الشعبية المشاركة في أنتخاب نوابهم، وعكس ذلك ستنفرد الأقلية بالسلطة، وستتحكم بثروات البلاد وبمصير الشعب، وستكون الأكثرية مظلومة والأقلية مرفهة.
٤- من الجانب الثوري: في حال تزوير الأنتخابات بفارق كبير لأصوات الأغلبية، فأن الأمة سوف تثور وتعلن أحتجاجها على التزوير، بخلاف لو كانت الأغلبية غير مشاركة في الأنتخابات فأن التزوير سيصبح سهل جدا لأن الأمة غيبت نفسها عن أنتخاب نوابها.
٥- من الجانب الفلسفي: العقل أثمن جوهرة يمتلكها الانسان، على الأنسان أن يعمل عقله في أنتخاب أفضل الخيارات المطروحة أمامه، ولا يحق له تعطيل هذه الجوهره ويندب حظه العاثر فيما بعد.
٦- من الجانب العرفي: الأعراف في جميع الأمم والشعوب بذل الجهد والفحص لأنتخاب أفضل المرشحين لحكومتهم، كذلك الحال في أعرافنا الأجتماعية عندما يتقدم خاطب من عائلة غير معروفة لخطبة فتاة من أسرة محترمة فأن أهلها يبذلون الجهد في الفحص والسؤال عنه والتأكد من حسن حاله وكفائته قبل الموافقة عليه، بينما أنتخاب الحكومة اكثر خطورة من خطبة الزواج، فيلزم بذل الجهد أكثر لأنتخاب المرشح الأصلح.
٧- من جانب حقوق الأنسان: الأنتخابات لتقرير حق المصير، من حق كل فرد بالأمة أن يشارك في تقرير مصيره لأنتخاب النائب الذي يمثله أمام الحكومة، عدم المشاركة معناه تنازل عن حقوقه التي أستحقها لأخرين لا يستحقونها.
٨- من الجانب الوطني: يجب على كل مواطن السعي لحماية وطنه من المخاطر والفتن الداخلية والخارجية، ولا يكون ذلك الا من خلال المشاركة الجماهيرية العامة لأنتخاب النخب الكفوئة لقيادة الوطن والنهوظ به نحو التقدم والرقي و الحضارة الأنسانية.
٩- من الجانب الشرعي: المرجعية الدينية في خطابات عديدة أوجبت المشاركة الشعبية العامة في الأنتخابات من أجل تقرير مصيرهم وأنقاذ بلدهم وأنتخاب نوابهم.