• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : بناء الأنسان، أولى مهام الحكومة القادمة.. .
                          • الكاتب : عدنان سبهان .

بناء الأنسان، أولى مهام الحكومة القادمة..

في بلدة هالاريد جنوب مملكة السويد، كان يسكنُ بيو وحيداً مع قطته الوديعة سابا.. رجلٌ ستينيٌ متقاعد يتكلم الانكليزية بطلاقة، وكانت هذه هي التي ساعدتنا في التواصل معه بداية وصولنا الى السويد.. اعتاد بيو أن يقلني وأصدقائي بسيارته الفورد وبمقابل أجور رمزية، بالكاد كانت تغطي تكاليف البنزين مع ربح هامشي لايكاد يذكر.. طلبت منه في مرة أن يقلني الى مدينة يونغ شوبنغ التي تبعد ٣٠٠ كم عن بلدة هالاريد، فوافق الرجل بعد أن أفترش خارطة السويد على سيارته، وأخذ يقيس ليتأكد بالتمام والكمال من مسافة الطريق ليتسنى له تحديد الأجرة المناسبة لذلك.. "٧٥٠ كرون، هل هذا يناسبك..؟" قالها وهو يطوي بخارطة المملكة العمودية.. وافقت بلا تردد او مساومة، فالمبلغ أقل حتى من أجرة القطار، لاسيما أن بيو وعدني بأن ينتظرني حتى أنجز عملي، ليعيدني فيما بعد الى البلدة.. بعد شهر تقريباً عزم أحد الأصدقاء على السفر الى مدينة سكيلستونا التي تقع قرب العاصمة ستوكهولم، أي حوالي ٦٠٠ كم عن محل سكنانا، وطلب مني ان أكلم بيو فيما أذا كان لا يمانع في أن يقله بسيارته.. وافق بيو بلا أدنى تردد وحدد الأجرة بدون أن ينظر حتى الى خارطته العمودية.. "سأخذ ٧٥٠ كرون".. بادرتُ الى سؤاله وأنا تعلوني دهشة وتعجب.."٧٥٠ كرون ل٣٠٠ كم، و ٧٥٠ كرون ل٦٠٠ كم وبدون حتى أن تُمارس طقوسك بالنظر الى خارطتك المعتادة..؟!!" أجابني وقد أصابني بمقتل.."يا صديقي عدنان، الأجرة لمدينة سكلستونا ١٥٠٠ كرون، ولكني قررت أن أخذ نصف الأجرة لأني عزمت على زيارة أمي التي تقطن هناك منذ زمن، فصديقك يدفع النصف وأنا سأدفع النصف.."..!!! أدركتُ حينها أن تقدم هذه الدول ليس في عمرانها ونظافة شوارعها، ولا حتى في تطورها التكلنوجي، ولكن الأمر يدور وجوداً وعدماً في بناء الأنسان.. نعم الأنسان بغض النظر عن أنتمائه أو أعتقاده أو نسبه أو مهنته أو لونه أو جنسه.. أذاً يا سادة لو كُنتُم فعلاً ترجون بث الروح في بلدنا الحبيب، فلتضمنوا برامجكم الأنتخابية بآليات بناء الأنسان فأنها اللبنة الأولى في بناء وتقدم الدول، وبها تقاس الحضارات وعليها تعتمد كل مؤشرات سعادة الشعوب..




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=116771
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 03 / 11
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15