فَغَرَ التلفاز فَاه..
فتدفقت الحقيقة تسبح في لعاب يعجّ بملايين المستعمرات من البكتيريا السّامة..تطفو على سطحه جثث السوس التي فرّت من مقابر أسنانه..
رائحة نَتنه التهمت طُهر المكان..
امسك جهاز التحكم بيده..
وفرّ الى محطّة أخرى..يبحث عن حقيقة أكثر نظافة ونصوعاً وبياضاً.
فوجيء بها تقفز إليه كجنّية بثياب حمراء تَعمي البصر والبصيرة..
كثّة الشعر،طويلة الأظافر..حتى خالها سَتطال أنبوبة رقبته بأظافرها الطويلة المتّسخة.
تناول المقصّ..
هدّب أطراف شعرها..قصّ أظافرها .
ولكن لا فائدة!
فذات الخيال المشوّه يطارده ، يتنقل مع جهاز تحكمه بين المحطات كلها..كلها.
تناول كوب مائه الذي رَقَد بجانبه يُسعفه لحظة تلسع حسّهُ مرارة الحقيقة ،ويُطفئ به جوفه لحظة احتراق الذات إثر اللهب الناشب في الأوصال..
سكب ماء الكوب على التلفاز لتستحمّ الحقيقة وتخلع الثوب المتسخّ الذي اندست تواري نفسها به..علّها بيضاء ناصعة لا تشوبها الشوائب ولا تعلوها الأدران
ومع أولى محاولات الظهور النظيف للحقيقة!
اشتعل التلفاز ،،
واشتعلت الحقيقة ،،
واشتعل ،،
وما لبثوا أن خَمدوا جميعا ...
واختفت الحقيقة ،،
واختفى..
فأدرك بعد فوات الأوان خطورة العبث بالحقائق . |