• الموقع : كتابات في الميزان .
        • القسم الرئيسي : المقالات .
              • القسم الفرعي : المقالات .
                    • الموضوع : الولادة المباركة المكتومة .
                          • الكاتب : السيد اسعد القاضي .

الولادة المباركة المكتومة

رجل أعماه التعصّب للباطل.. حبّ الشيخين جعل على قلبه غشاوة.. لا يكاد يبصر الحقّ مهما شاهد وسمع من كرامات لأهل البيت (عليهم السلام).. حدود سنة مائتين وخمسين للهجرة غاب عن سامراء وقتاً ليس بالقليل.. رحل إلى قزوين سنين عديدة.. بعد زمان طويل عاد الى وطنه.. كانت عودته في شعبان او في عرفة.. فوجد أهله كلهم قد فارقوا الحياة.. لم يبق منهم إلا عجوز قد حناها الدهر.. كانت قد تكفّلت ترييته، ومعها ابنتها..

بقي الرجل الناصبي عند تلك المرأة العجوز.. عزم على الخروج من سامراء.. أسِفت المرأة العجوز على قصر المدة التي قضاها معها..

ــ كيف تستعجل الانصراف وقد غبت زماناً؟ فأقم عندنا لنفرح بمكانك.

ردّ عليها الرجل بسخرية..

ــ أريد أن أصير إلى كربلاء.

ــ يا بني، أعيذك بالله أن تستهين ما ذكرت، أو تقوله على وجه الهزء، فإني أحدّثك بما رأيته بعيني بعد خروجك من عندنا بسنتين.

حدّثته المرأة العجوز بما رأته..

كنت في هذا البيت نائمة بالقرب من الدهليز ومعي ابنتي، وأنا بين النائمة واليقظانة، إذ دخل رجل حسن الوجه نظيف الثياب طيب الرائحة، فقال: يا فلانة يجيئك الساعة من يدعوك في الجيران، فلا تمتنعي من الذهاب معه ولا تخافي.

تفزع المرأة مما طرقها.. تنادي ابنتها..

هل شعرت بأحد دخل البيت؟

لا، لم يدخل البيت أحد، فاذكري الله ولا تفزعي،

وهكذا تكرر المشهد.. وفي المرة الثالثة يأتيها الرجل، فيأمرها بالذهاب مع الرجل الذي سيقرع الباب.. سمعت المرأة دقّ الباب فإذا على الباب خادم عليه ازار.. أمرها ذلك الخادم ان تلف رأسها وتأتي معه، حيث إن جيرانها محتاج لها لمساعدتهم..

ذهبت المرأة العجوز مع الخادم.. دخلت معه داراً فإذا بثياب مشقوقة مستطيلة كأنها ستارة ورجل قاعد بجنب الثياب.. رفع الخادم طرف تلك الثياب.. دخلت المرأة، وإذا امرأة قد أخذها الطلق وامرأة قاعدة خلفها كأنها تباشر ولادتها..

تُواصل المرأة حكاية قصّتها..

فعالجتُها بما يعالٓج به مثلُها، فما كان إلا قليلاً حتى سقط غلام، فأخذته على كفّي، وصحت: غلام غلام، وأخرجتُ رأسي من طرف الشّقاق أبشّر الرجل القاعد.

ظنت ان المرأة العجوز ان الغلام المولود هو كسائر الغلمان.. غلام يُعلن عن ولادته.. غلام يُبَشّر الناس بولادته.. لقد خاب ظنها.. إنه الغلام الغائب منذ ولادته.. الغلام المخفي حتى عن محبيه.. لذا أتاها النداء..

لا تصيحي

وواصلت المرأة حديثها مع الرجل الناصبي..

فلما رددت وجهي إلى الغلام قد كنت فقدته من كفي، وأخذ الخادم بيدي ولف رأسي بالملاءة، وأخرجني من الدار، وردّني إلى داري، وناولني صرّة، وقال لي: لا تخبري بما رأيتِ أحداً.

دخلت العجوز دارها.. اضطجعت على فراشها.. سألت ابنتها ما إذا أحسّت بخروجها ورجوعها.. اخبرتها البنت انها لم تحس بشيء..

وأردفت..

وما أخبرت بهذا أحداً إلا في هذا الوقت، لمّا تكلمت بهذا الكلام على حد الهزء، فحدثتك إشفاقاً عليك، فإن لهؤلاء القوم عند الله عز وجل شأنا ومنزلة، وكل ما يدّعونه حق.

 

المصدر: الغيبة للشيخ الطوسي




  • المصدر : http://www.kitabat.info/subject.php?id=116283
  • تاريخ إضافة الموضوع : 2018 / 02 / 28
  • تاريخ الطباعة : 2025 / 03 / 15